أم لأنهم ضروب عدة ، منهم هؤلاء الذين يوحدون العبادة لما سواه ، فيؤمرون بتحويل عبادتهم الى الله توحيدا لعبادة الله ، ومنهم من يعبدون مع الله سواه ، وليست هذه عبادة لائقة لله ، فليعبدوه كما تحق وليست إلّا توحيد العبودية له دون سواه! ام ان (اعْبُدُوا اللهَ) اثبات لعبادته عقائدية وعملية ، ثم «واتقوه» نفي لعبادة غيره عملية أو عقائدية ، فمن يعبد مع الله سواه لم يتق الله ، وتقوى الله تحلّق على كل سلبية تقتضيها عبادة الله ، كما أن (اعْبُدُوا اللهَ) محلّقة على كل الإيجابيات في عبادة الله ، والايجابية القمة فيها أن يوحّد في عبادته ، كما السلبية القمة ألّا يشرك به سواه ، إذا فهي صيغة اخرى عن (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) في قالب الأمر والنهي بالترغيب والترهيب! ثم الآية التالية تتكفل صراحا تلك السلبية الملمحة من «واتقوه» بصورة مبرهنة بينة :
(إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) ١٧.
«انما» هنا تحصر عبادتهم في «أوثانا» وهي تماثيل خشبية أم حجرية أماهيه من جمادات ، مما يبين انهم كانوا ـ فقط ـ عبدة الأوثان وهي أنذل العبادات وارذلها بين كل ما يعبد من دون الله ، ان يعدلوا بها عن عبادة الله.
وليس فحسب ان تعبدوها بل (وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً) خلقا لما تنحتون ، ثم أنتم تعبدون ما تخلقون ، وإفكا فيها انها شفعائهم عند الله ، ما نعبدهم إلّا ليقربونا إلى الله زلفى ، وأمثالها من مختلفات الزور والغرور التي يخلقونها فيما يعبدون ، وما ذا يملكون لكم حتى تعبدوهم؟ (إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً) وأصناما أم حيوانا وطواغيت ام أيا كان حتى النبيين والملائكة