المقربين ، والجامع لهم انهم (مِنْ دُونِ اللهِ) وهم كلهم (لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً) بل ولأنفسهم (فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ) أيا كان «واعبدوه» لأنه الله الخالق الرازق «واشكروه» بما يرزق ، فانكم «إليه» لا إلى سواه «ترجعون» ، وإن الرزق هو مشغلة النفوس في الأكثرية المطلقة ، تعبد من تراه رازقا ، فكيف أنتم تبغون الرزق من دون الله وتتركون الرازق وهو الله ، فهو المبدء وهو المنتهى وهو الرازق لكم فيهما وبينهما (فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ) مما كسبت أيديكم أمّا لم تكسب ، و «عند» هنا دون «من» علّها اشارة الى معدنية الرزق ولد نيته عنده ، مهما كانت له أسباب منها يرزق المرزوقون ، سواء أكانت اختيارية أم سواها ، فليطلب المرتزق الرزق من أي سبب «عند الله» لا عند سواه.
أمن العقل أن يترك الرازق ويبغى الوسيط أن يطلبه من الله ، فتعبدونه حتى يطلب؟ ولا وسيط في طلب الرزق ، ولا يملكون هؤلاء طلبا له من الله ، ولا أن يعبدوا من دون الله ، وحتى لو ملكوا طلبا من الله فعبادتكم إياهم دون الله يقطع عنكم رزق الله وشفاعتهم ـ المزعومة ـ عند الله (فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) ـ
وهكذا نرى كيف يفنّد أوثانهم في كل زوايا الربوبية ، فذاتية أنها «أوثان» لا تعقل ، وصفاتية أنها لا تملك لكم من الله شيئا إلّا أنكم «تخلقون» لها «إفكا» وأفعالية أن (لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً) أيا كان ، والعبادة قد تعني كمال الذات ، أم كمال الصفات ، أم كمال الأفعال ، وهي مسلوبة الكمالات ، إذا (فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ) كله ، فما احمقكم إذ تنحون نحو الفقير اللّاشيء وتتركون رب كل شيء؟!
وهنا ندرس ان طلب الرزق عند غير الله كعبادة غير الله إشراك بالله ،