إن المهاجرة الإبراهيمية ما كانت فحسب عن وطنه إلى غيره ، بل انها مهاجرة عمن سوى الله بكل كيانه ، ومنها مهاجرة قومه بعد أن لم يبق له رجاء ان يفيئوا إلى الهدى على أية حال ، ولقد عوضه الله عن هذه المهاجرة الرسالية ، ذرية تمضي فيها رسالات الله منذ إسماعيل وإسحاق ويعقوب وإلى كل الرسل الإسرائيليين وخاتم المرسلين ، وهنا المذكورون هم الأوّلون في آيات عدة ثم الرسول محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : (اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ ...) (٤٥) :
(وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) ٢٧.
وهبة ربانية منقطعة النظير (وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ) ومن المذكورين هنا صراحا (إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ) وبأحرى إسماعيل جد الرسول محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم وهو بكر ذريته كما هو صراح آيات اخرى ، (وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا) في نصرة رسالية مستمرة فيه وفي ذريته الرسل (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) السابقين والمقربين منذ آدم الى خاتم النبيين صلوات الله عليهم أجمعين.
(وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ (٢٨) أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ إِنْ