الملائكة والنبيين وسائر الأولياء المكرمين ، لا فحسب بل والمسلمون الذين اتخذوا النبي أو الولي وليا من دون الله ، وكالة او نيابة عن الله ، ام مستقلا بجنب الله ، كل أولاء مثلهم (كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) مهما اختلفت دركات ذلك الاتخاذ إلحادا في الولاية أو إشراكا قل أو كثر ، إذ لا ولي إلّا الله ، أم من ولّاه الله حملا لشرعته ، لا تكوينية ولا تشريعية ، قوة الله هي وحدها القوة ، وولايته هي وحدها الولاية ، وما عداها واهن ضئيل ، مهما خيّل إلى الهائمين في سائر القوات والولايات أنها قوة أو ولاية ، فهي كبيت العنكبوت ، حشرة ضعيفة ضئيلة ، واهنة رخوة ، لا حماية لها من تكوينها ولا وقاية لها من بيتها الأوهن (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) تلك المماثلة الماثلة بين أيديهم ، و «لو» هنا تحيل لهم ذلك العلم لعمق التجاهل وحمق التساهل ، فامتناع علمهم هذا مسنود إلى تقصيرهم المختار والامتناع بالاختيار لا ينافي الإختيار. وهل في الحق إن بيت العنكبوت أوهن البيوت على الإطلاق ، وحتى من بيوت الجراثيم غير المرئية بالعيون غير المسلحة؟ علّه نعم سنادا إلى عموم «البيوت» وعلّه لا حيث «البيوت» هنا هي التي ترى ، متناولة لكل راء ، دون ما لا ترى.
فأمثل الأمثال فيما يرى للذين اتخذوا من دون الله أولياء هو العنكبوت اتخذت بيتا ، وان حياة العنكبوت العجيبة ، المنضدة المنظمة ، مما تجلب النظر وتجذب إلى الله الذي خلقها ، ولا يعني ذلك المثل تنديدا بالعنكبوت وبيته ، بل القصد فقط تنظير ما يتخذ من دون الله من أولياء في وهنه ببيت العنكبوت ، وأما هو كخلق مما خلق الله ، بالغريزة البارعة في نسج بيته ، هو في ذلك الحقل من آيات الله البينات الدالة على كمال قدرته.