مفاصلة ، فأحسن الجدال أن تتبنّى المواصلات بينك وبين مجادلك ، فتخرج بذلك عن المفاصلات فتوصله إن استطعت إلى حقك ، أم ولأقل تقدير لا تبعده عنك أكثر مما هو بعيد عنك ، وقد يروى عن رسول الهدى (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قوله : «لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم (وَقُولُوا آمَنَّا ... وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (١) ، وهنا (بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا) هو القرآن ، و (الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ) هو سائر الوحي النازل إلى أهل الكتاب توراة وانجيلا وسواهما من كتاب ، وذلك لا يعم كل الذي عندهم من خليط الوحي بسواه وإنما (الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ).
وأما (إِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ) فالمثلثون من النصارى وسائر المنحرفين منهم ومن اليهود عن حاق التوحيد وحقه ليس إلهكم إلهنا ، فكيف يكون (إِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ)؟
الإله الأصل هو المتفق عليه بين كافة أهل الكتاب وهو الذي نوحّده بيننا وبينهم ونؤمن به ، ثم الأقنوم الثاني والثالث ، والولد ، والجسمانية وأشباهها هي الفاصل بيننا وبينهم ، ونحن لا نتفق معهم إلّا في المتفق عليه بيننا «ونحن له» لا لسواه «مسلمون» : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ١٤٧ عن أبي هريرة قال كان أهل الكتاب يقرؤن التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ... وفيه عن أبي نملة الأنصاري ان رجلا من اليهود قال لجنازة انا اشهد انها تتكلم فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم (وَقُولُوا آمَنَّا ...) فان كان حقا لم تكذبوهم وان كان باطلا لم تصدقوهم ، وفيه عن جابر قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لا تسألوا اهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا ما إن تصدقوا بباطل أو تكذبوا بحق والله لو كان موسى حيا بين أظهركم ما حل له إلّا ان يتبعني.