تصلح لتخييل الإشفاف ، بل يجب أن تكون المسام مستقيمة الأوضاع من غير تعريج حتى تنفذ فيها الشعاعات على الاستقامة. فلنخرط كرة من جمد ، بل من بلور ، بل من ياقوت أبيض شفاف ، فهذه المسام التي تكون فيها شفافة مستقيمة هبها (١) تكون كذلك طولا ، فهل تكون كذلك أيضا عرضا ، وهل تكون كذلك قطرا ومن أى جهة أثبت ، فكيف تكون مستقيمات تداخل مستقيمات فتكون من أى جهة تأملتها لا تنعرج. فمن الضرورة أن يعرض من بعض الجهات خلاف الاستقامة ووقوف الأجزاء التي لا مسام لها فى سمت الخطوط التي تتوهم خارجة على الاستقامة من العين أو يكون الجسم خلاء كله ، وهذا محال. فيجب أن تكون الكرة إذا اختلف (٢) منك المقامات فى استشفافها (٣) يختلف (٤) عليك شفيفها ضرورة ، ثم كيف يكون حال جسم فيه من المسام والمنافذ ما يخفى لونه حتى تراه كأنه لا لون له ، وله فى نفسه لون ، ولا يستر لونه شيئا ملصقا (٥) مما وراءه ، بل يؤدى ما وراءه بالحقيقة. فإن أحدث سترا فإنما يحدث شيئا ، كأنه ليس ، فتكون لا محالة الثقب التي فيه أكثر كثيرا من الملاء (٦) الذي فيه ، فكيف يجوز أن يكون لها استمساك الياقوت وهو كله فرج. ولو أن إنسانا أحدث فى الياقوت منافذ ثلاثة أو أربعة ، ثم حمل عليه بأضعف قوة لا نرضّ وانكسر ؛ (٧) فهذا المذهب أيضا أيضا محال.
فالألوان إذن موجودات ، وليس وجودها أنها أضواء ، ولا الأضواء ظهورات لها ، ومع ذلك فليست (٨) هى مما (٩) هى بالفعل بغير الأضواء. والمشف أيضا موجود ، وهذا (١٠) ما أردنا بيانه إلى هذه الغاية. وقد بقى علينا أن نخبر عن حال الإبصار أنه كيف يكون ، ويتعلق بذلك تحقيق كيفية تأدى الأضواء فى المشف.
__________________
(١) هبها : هاهنا م.
(٢) اختلف : اختلفت م
(٣) يختلف : اختلف ف
(٤) استشفافها : استنشاقها م.
(٥) ملصقا : ملتصقا ف.
(٦) الملاء : الملأ ف.
(٧) وانكسر : ولا نكسر م.
(٨) فليست : فليس ك ، م
(٩) مما : ما ف.
(١٠) وهذا : فهذا م.