هى مقبلة عليه بغيره. وأما الشبان فلحرارتهم واضطراب حركاتهم مع يبس مزاجهم لا يكون ذكرهم كذكر (١) الصبيان والمترعرعين ، والمشايخ أيضا يعرض لهم من الرطوبة الغالبة أن لا يذكروا ما يشاهدون.
وقد يعرض مع التذكر (٢) من (٣) الغضب والحزن والغم وغير ذلك ما يشاكل حال وقوع (٤) الشىء ، وذلك أنه لم يكن سبب وقوع الغم والحزن والغضب فيما مضى إلا انطباع (٥) هذه الصورة فى باطن (٦) الحواس ، فإذا عادت فعلت ذلك أو قريبا منه ، والأمانى والرجاء أيضا (٧) تفعل ذلك ، والرجاء غير الأمنية ، فإن الرجاء تخيل أمر ما مع حكم أو ظن بأنه فى الأكثر كائن ، وأما الأمنية (٨) فهى (٩) تخيل أمر وشهوته والحكم بالتذاذ يكون إن كان ، والخوف مقابل (١٠) الرجاء على سبيل التضاد ، واليأس عدمه ، وهذه كلها أحكام (١١) للوهم.
فلنقتصر الآن على ما قلناه من أمر القوى المدركة الحيوانية ، ولنبين أنها كلها تفعل أفعالها (١٢) بالآلات (١٣) ، فنقول : أما المدرك من القوى للصور الجزئية الظاهرة على هيئة غير تامة التجريد والتفريد عن المادة ولا مجردة أصلا عن علائق المادة كما تدرك (١٤) الحواس الظاهرة ، فالأمر فى احتياج إدراكه إلى آلات جسمانية (١٥) واضح سهل. وذلك لأن هذه الصور إنما تدرك ما دامت المواد حاضرة موجودة ، والجسم الحاضر الموجود إنما يكون حاضرا موجودا عند جسم ، وليس يكون حاضرا مرة وغائبا أخرى عند ما ليس بجسم ، فإنه لا نسبة له إلى قوة مفردة من جهة الحضور والغيبة. فإن الشىء الذي ليس فى مكان لا تكون للشىء المكانى إليه نسبة فى الحضور عنده (١٦) والغيبة عنه ، بل الحضور لا يقع إلا على وضع وبعد (١٧) للحاضر عند المحضور. وهذا
__________________
(١) كذكر : لذكر في م. (٢) التذكر : الذكر ك ، م
(٣) من : معنى م. (٤) وقوع : ساقطة من د ، ف ، ك
(٥) إلا انطباع : الانطباع م.
(٦) باطن : + هذه م. (٧) أيضا : ساقطة من ك ، م.
(٨) مقابل : يقابل ف.
(٩) وأما الأمنية : والأمنية د ، ف
(١٠) فهى : فهو ك ؛ ساقطة من د ، ف.
(١١) أحكام : تكون أحكاما ك ، م.
(١٢) أفعالها : أفعالا ك
(١٣) بالآلات : بآلات ف.
(١٤) تدرك : تدركه د ، ك ، م.
(١٥) آلات جسمانية : الآلات الجسمانية ك ، م.
(١٦) عنده : + والغيبة عنه ك.
(١٧) وبعد : أو بعد ك.