ضرب من الإلهام. والذي يفعله النمل من (١) نقل الميرة بالسرعة (٢) إلى جحرتها (٣) منذرة بمطر يكون ، فلأنها تتخيل أن ذلك هو ذا يكون فى هذا الوقت. كما أن الحيوان يهرب عن الضد لما يتخيل (٤) أن هو ذا يريد أن (٥) يضربه فى الوقت. ويتصل بهذا الجنس ما للإنسان أن يروى فيه من (٦) الأمور المستقبلة (٧) أنه هل ينبغى له أن يفعلها أو لا ينبغى فيفعل ما يصح أن توجب رويته أن لا يفعله وقتا آخر أو فى هذا الوقت بدل (٨) ما روى ، (٩) ولا يفعل ما يصح أن توجب رويته أن يفعل وقتا آخر أو (١٠) فى هذا الوقت بدل (١١) ما روى. وسائر الحيوانات إنما يكون لها من الإعدادات للمستقبل ضرب واحد مطبوع فيها وافقت (١٢) عاقبتها أو لم توافق.
وأخص الخواص بالإنسان تصور المعانى الكلية العقلية المجردة عن المادة كل التجريد على ما حكيناه وبيناه ، والتوصل إلى معرفة المجهولات تصديقا وتصورا من المعلومات العقلية. (١٣) فهذه الأحوال والأفعال المذكورة هى مما يوجد للإنسان ، وجلها يختص به الإنسان وإن كان بعضها بدنيا ، ولكنه موجود لبدن الإنسان بسبب النفس التي للإنسان (١٤) التي ليست لسائر الحيوان ، بل نقول : إن للإنسان تصرفا فى أمور جزئية وتصرفا فى أمور كلية والأمور الكلية إنما يكون فيها اعتقاد فقط ولو كان أيضا فى عمل ، فإن من اعتقد اعتقادا كليا أن البيت كيف ينبغى أن يبنى ، فإنه لا يصدر عن هذا الاعتقاد وحده فعل بيت مخصوص صدورا أوليا ، فإن الأفعال تتناول أمورا (١٥) جزئية وتصدر عن آراء جزئية ، وذلك لأن الكلى من حيث هو كلى ليس يختص. بهذا دون ذلك. ولنؤخر شرح هذا معولين على ما يأتيك فى الصناعة الحكمية فى آخر الفنون فتكون (١٦) للإنسان إذن قوة تختص بالآراء الكلية ، وقوة أخرى تختص بالروية فى الأمور الجزئية ، فيما ينبغى أن يفعل ويترك (١٧) مما (١٨) ينفع ويضر ، ومما هو جميل وقبيح وخير وشر ، ويكون ذلك بضرب من القياس والتأمل صحيح أو سقيم غايته
__________________
(١) من (الثانية) : فى د ، ك ، م
(٢) بالسرعة : ساقطة من ف (٣) جحرتها : أجحرتها د.
(٤) يتخيل : + من ف (٥) يريد أن : ساقطة من ك ، م.
(٦) من : فى د ، ك ، م
(٧) الأمور المستقبلة : أمور مستقبلة د.
(٨) بدل : يدل م (٩) ما روى : ما دوى د.
(١٠) أو فى : أو لا فى م
(١١) بدل : يدل م. (١٢) وافقت : وافق م.
(١٣) العقلية : الحقيقية ك ، م. (١٤) للإنسان : الإنسان م.
(١٥) أمورا : بأمور ك. (١٦) فتكون : ساقطة من د ، م.
(١٧) ويترك : أو يترك ك
(١٨) ومما : مما ك.