يفسد بسبب يخصه. لكن فساد البدن يكون بسبب يخصه من تغير المزاج أو التركيب. (١) فمحال أن تكون النفس تتعلق بالبدن تعلق المتقدم بالذات ، ثم يفسد البدن البتة بسبب فى بنفسه ، فليس إذن بينهما هذا التعلق. وإذا كان الأمر على هذا ، فقد بطلت (٢) أنحاء التعلق كلها وبقى أن لا تعلق للنفس فى الوجود بالبدن ، بل تعلقها (٣) فى الوجود بالمبادئ لأخرى (٤) التي لا تستحيل ولا تبطل.
وأقول (٥) أيضا : إن سببا آخر لا يعدم النفس البتة ، وذلك أن كل شىء من شأنه أن يفسد بسبب ما ففيه قوة أن يفسد ، وقبل (٦) الفساد فيه فعل أن يبقى ، وتهيؤه للفساد ليس لفعله (٧) أنه (٨) يبقى ، فإن معنى القوة مغاير (٩) لمعنى الفعل ، وإضافة هذه القوة (١٠) مغايرة (١١) لإضافة هذا الفعل ، لأن إضافة ذلك إلى الفساد وإضافة هذا إلى البقاء.
فإذن لأمرين مختلفين ما يوجد فى الشىء هذان المعنيان. فنقول : إن الأشياء المركبة والأشياء البسيطة التي هى قائمة فى المركبة (١٢) يجوز أن يجتمع فيها فعل أن يبقى وقوة أن يفسد ، وفى الأشياء البسيطة المفارقة الذات لا يجوز أن يجتمع هذان الأمران. وأقول بوجه مطلق : إنه لا يجوز أن يجتمع فى شىء أحدى الذات هذان المعنيان ، وذلك لأن كل شىء يبقى وله قوة أن يفسد فله أيضا قوة أن يبقى ، لأن بقاءه ليس بواجب ضرورى. وإذا لم يكن واجبا كان ممكنا ، والإمكان الذي يتناول الطرفين هو طبيعة القوة ، فإذن يكون له فى جوهره قوة أن يبقى وفعل أن يبقى. وقد بان أن فعل أن يبقى منه لا محالة ليس هو قوة أن يبقى منه ، (١٣) وهذا بيّن ، فيكون فعل أن يبقى منه أمرا يعرض للشىء الذي له قوة أن يبقى ، فتلك القوة لا تكون لذات ما بالفعل ، بل للشىء الذي يعرض لذاته أن تبقى بالفعل ، لا أنه (١٤) حقيقة ذاته. فيلزم من هذا أن تكون ذاته مركبة من
__________________
(١) أو التركيب : والتركيب ك.
(٢) بطلت : بطل د ، ف ، ك.
(٣) تعلقها : تعلقه د ، ك
(٤) الأخرى : الأخر د ، ك ؛ الأجزاء م.
(٥) وأقول : فأقول د ؛ ونقول م.
(٦) وقبل : وقيل م.
(٧) لفعله : بفعله ك ٤ لفعل م
(٨) أنه : أن ك ، م
(٩) مغاير : مغايرة ك ، م
(١٠) القوة (الثانية) : لقطة من م.
(١١) لمعنى ... مغايرة : ساقطة من م.
(١٢) المركبة (الثانية) : المركب ك.
(١٣) منه (الأولى) : ساقطة من ك.
(١٤) لا أنه : لأنه م.