ومن المحال أيضا ما قاله المتشكك من ارتداد الشىء إلى ذاته ، فإن الشىء لا يغيب البتة عن ذاته ، بل ربما قيل إنه (١) قد يغيب عن أفعال (٢) تختص بذاته ، وتتم بذاته وحدها. وإنما (٣) يتوسع فيقال هذا ، (٤) لأن هذه الأفعال لا تكون موجودة له ، بل لا تكون موجودة أصلا. وأما ذاته فكيف تكون غير موجودة لنفسها وبالحقيقة ، فإن أفعاله لا يجوز أن يقال فيها (٥) إنه يغيب عنها لأن الغائب هو موجود فى نفسه غير موجود للشىء ، وهذه الأفعال ليست موجودة أصلا إلا وقت ما يوجدها فلا يكون غائبا (٦) عنها ، وأما ذات الشىء فلا يغيب الشىء عنه ولا يرجع إليه.
وأما أصحاب التذكر (٧) فقد نقض احتجاجهم فى الصناعة الآلية. وأما حجة هؤلاء الذين يجزئون النفس فقد أخذ فيها مقدمات باطلة ، من ذلك قولهم : إنه توجد النفس (٨) النباتية مفارقة للحساسة ، فيجب أن يكون فى الإنسان شيء آخر غيره. فإن هذه المقدمة سوفسطائية ، وذلك لأن المفارقة تتوهم على وجوه ، والتي يحتاج (٩) إليها هاهنا وجهان : أحدهما أنه قد تتوهم لها (١٠) مفارقة ، كما للون عن البياض وللحيوان عن الإنسان إذ توجد هذه الطبيعة فى غير البياض وتلك فى غير الإنسان بأن يقارن (١١) كل فصلا آخر. وقد تتوهم مفارقة. كما للحلاوة المقارنة للبياض (١٢) فى جسم ، فإنها قد (١٣) توجد مفارقة له ، فتكون الحلاوة والبياض قوتين مختلفتين لا يجمعهما شيء. (١٤) وأليق المفارقات بالنفس النباتية للنفس الحساسة هو القسم الأول ، وذلك لأن (١٥) النفس النباتية الموجودة فى النخلة لا تشارك القوة النامية
__________________
(١) إنه : ساقطة من ك ، م
(٢) أفعال : قد+ ف.
(٣) وإنما : + هو ك
(٤) هذا : بهذا ك.
(٥) فيها : فيه د ، م.
(٦) فلا يكون غائبا : فلا تكون غائبة ك.
(٧) التذكر : التذكير م.
(٨) النفس : للنفس م.
(٩) يحتاج : نحتاج ف
(١٠) لها : له ك.
(١١) يقارن : يفارق ك.
(١٢) للبياض : البياض م
(١٣) قد : ساقطة من د.
(١٤) شىء : + واحد ك.
(١٥) لأن : أن ك ، م.