موجودة تفعل أفاعيلها وجد النبات والحيوان باقيين ، فإن (١) بطلت لم يوجد النبات والحيوان باقيين (٢). وليس كذلك حال سائر القوى النباتية. والنامية تفعل فى أول كون الحيوان فعلا ليس هو التغذية فقط ، وذلك لأن غاية التغذية ما حددناه ، وأما هذه القوة فإنها توزع الغذاء على خلاف مقتضى القوة الغاذية ، وذلك لأن الذي للقوة الغاذية لذاتها أن تؤتى كل عضو من الغذاء بقدر عظمه وصغره وتلصق به من الغذاء بمقداره الذي له على السواء. وأما القوة النامية فإنها تسلب جانبا من البدن من الغذاء ما يحتاج إليه لزيادة فى جهة أخرى فتلصقه بتلك الجهة لتزيد تلك الجهة فوق زيادة جهة أخرى مستخدمة للغاذية فى جميع ذلك. ولو كان الأمر إلى الغاذية لسوت بينها أو لفضلت الجهة التي نقصتها (٣) النامية. مثال ذلك أن الغاذية إذا انفردت وقوى فعلها وكان ما تورد أكثر مما يتحلل فإنها تزيد فى عرض الأعضاء وعمقها زيادة ظاهرة بالتسمين ، ولا تزيد فى الطول زيادة يعتد بها. وأما المربية فإنها تزيد فى الطول أكثر كثيرا مما تزيد فى العرض ، والزيادة فى الطول أصعب من الزيادة فى العرض ، وذلك لأن الزيادة فى الطول يحتاج فيها إلى تنفيذ الغذاء فى الأعضاء الصلبة من العظام والعصب تنفيذا (٤) فى أجزائها طولا لتنميها وتبعد بين أطرافها. والزيادة فى العرض قد تغنى فيها تربية اللحم وتغذية العظم أيضا عرضا من غير حاجة إلى تنفيذ شىء كثير فيه وتحريكه. وربما كانت أعضاء هى فى أول النشوء صغيرة وأعضاء هى فى أول النشوء كبيرة ، ثم يحتاج فى آخر النشوء أن يصير ما هو أصغر أكبر وما هو أكبر أصغر ؛ فلو كان التدبير إلى الغاذية لكان يستمر ذلك على نسبة واحدة. فالقوة الغاذية من حيث هى غاذية تأتى بالغذاء وتقتضى إلصاقه بالبدن على النحو المستوى أو القريب من المستوى. وعلى الوجه الذي فى الطبع (٥) أن تفعله عند الاسمان. وأما النامية فتوعز إلى الغاذية بأن تقسم ذلك الغذاء وتنفذه إلى حيث تقتضى التربية خلافا لمقتضى الغاذية ، (٦) والغاذية تخدمها فى ذلك ، لأن الغاذية لا محالة هى
__________________
(١) فإن : وإن ك.
(٢) فإن بطلت ... باقيين : ساقطة من م.
(٣) نقصتها : نقتضيها م.
(٤) تنفيذا : وتنفيذ م.
(٥) الطبع : طبعها ف.
(٦) والغاذية : ساقطة من م.