يحدث ذلك لم يحس به. لكن المحسوس بالذات هو الذي تحدث منه كيفية فى الآلة الحاسة مشابهة لما فيه فيحس. وكذلك الانعصار عن اليابس والخشن والتملس من الأملس والتمدد إلى جهة معلومة من الثقيل (١) والخفيف ، فإن الثقل والخفة ميلان والتمدد أيضا ميل إلى نحو جهة ما. فهذه الأحوال إذا حدثت فى الآلة أحس بها لا بتوسط حر أو برد ، أو لون أو طعم ، أو غير ذلك من المحسوسات ، حتى كان يصير لأجل ذلك المتوسط غير محسوس أولى أو غير محسوس بالذات ، بل محسوسا ثانيا أو بالعرض. ولكن هاهنا ضرب آخر مما يحس مثل تفرق الاتصال الكائن بالضرب وغير ذلك ، (٢) وذلك ليس بحرارة ولا برودة ولا رطوبة ولا يبوسة ولا صلابة ولا لين (٣) ولا شىء من المعدودات ، وكذلك أيضا الإحساس باللذات اللمسية مثل اللذة التي للجماع وغير ذلك ، فيجب أن ينظر أنها كيف هى وكيف تنسب إلى القوة اللمسية وخصوصا وقد (٤) ظن بعض الناس أن سائر الكيفيات إنما تحس بتوسط ما يحدث من تفرق الاتصال. وليس كذلك ، فإن الحار والبارد من حيث يتغير به المزاج يحس على استوائه ، وتفرق الاتصال لا يكون مستويا متشابها فى جميع الجسم.
لكنا نقول : إنه كما أن الحيوان متكون بالامتزاج الذي (٥) للعناصر ، كذلك هو متكون أيضا بالتركيب. وكذلك الصحة والمرض ، فإن منهما ما ينسب إلى المزاج ومنهما ما ينسب إلى الهيئة والتركيب. (٦) وكما أن من فساد المزاج ما هو مفسد كذلك من (٧) فساد التركيب (٨) ما هو مهلك؟ وكما أن اللمس حس يتقى به ما يفسد المزاج ، كذلك هو حس يتقى به ما يفسد التركيب. فاللمس أيضا يدرك به تفرق الاتصال ومضاده وهو عوده إلى الالتئام. ونقول : إن كل حال مضادة لحال البدن فإنها يحس بها عند الاستحالة وعند الانتقال إليها ، ولا يحس بها عند حصولها واستقرارها. وذلك لأن الإحساس انفعال ما أو مقارن لانفعال ما ، (٩) والانفعال إنما يكون عند زوال شىء وحصول شىء ، وأما المستقر فلا انفعال به. وذلك فى الأمزجة الموافقة والرديئة معا ، فإن الأمزجة الرديئة إذا استقرت وأبطلت الأمزجة الأصلية حتى صارت
__________________
(١) الثقيل : الثقل ف.
(٢) وذلك : ساقطة من م.
(٣) ولا لين : ساقطة من د ، ك ، م.
(٤) وقد : فقد ف.
(٥) الذي : التي د.
(٦) وكذلك ... والتركيب : ساقطة من م.
(٧) من (الثانية) : ساقطة من م.
(٨) التركيب : + منه م.
(٩) أو مقارن لانفعال ما : ساقطة من م.