اعتبارا وذووا العقول إبصارا. وأبدى فيها من عظيم آثاره ما يدل على كمال اقتداره. فيا عجبا كيف يعصى الإله ، أم كيف يجحده الجاحد وفي كل شيء له آية تدل على أنه الله الواحد؟
فسبحانه من إله قسم الخلق إلى موحد ومشرك ، ومطبوع على قلبه ومن هو لحقائق التوحيد والإيمان مدرك. وعجل لقوم طيبتهم في الحيوة الدنيا ، وادخر لآخرين مقيم النعيم ورفع الدرجات العليا جزاء بما كانوا يعملون. (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ)(١).
ونشهد أن سيدنا ونبينا ومولانا محمدا عبده ورسوله ، سيد العرب والعجم والمبعوث لسائر الأمم ، المؤيد بخوارق المعجزات الباذل جهده في إبلاغ الدعوات ، حتى عمت من أرض المغارب والمشارق ، فمن أجاب نجا ومن عاند علت سيوف الله منه المفارق. حتى أذل بعزة الله أنوف الطغيان وغطى دينه الحق على سائر الأديان. صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته وأحزابه ، صلاة تامة زكية أبدية مباركة سنية دائمة سرمدية ، نفوز بها بفضل الله بالمقامات العلية والإكرامات الهنية. ونسلك بها على منهاجه القويم ، بجاه قدره العظيم عند الرب الكريم الرحمن الرحيم ، لا رب غيره ولا مأمول إلا خيره.
أما بعد ، فإنه لما شرح الله صدره مولانا (٢) عمدة ديننا ودنيانا ، السلطان الكبير الجليل الشهير المعظم الممجد الأسمى الموقر المؤيد الأحمى فخر الجلة وسيف الملة ، جمال الإسلام وعلم الأعلام.
ملك الزمان وقرة الأعيان |
|
قمر التمام ودرة الأكنان |
ملك تجمل بالجلالة وازدهى |
|
بالعلم والحلم العظيم الشان |
__________________
(١) سورة الأنبياء ، الآية ٢٣.
(٢) «مولى» أو «مولاي» ، في اللهجة الدراجة المغربية. وهو من الألقاب التي ينعت بها سلاطين المغرب الشرفاء وينادون بها : ٦٣٢ : ٢Dozy. والمعني بها هنا هو السلطان عبد الرحمن بن هشام (١٨٥٩ ـ ١٨٢٢).