المأكولات من خبز ولحم وفواكه وخضر وغير ذالك. وعليها كثير من بساتين العنب ، وهي من البوادي لا من الحواضر. ولم نر في مرساها من السلع إلا بوطات (١) ، الخمر ولعلها ببادية العنب.
فبتنا بها وأخذ المركب ما كان يحتاجه وأصبحنا بها ، وعند ارتفاع النهار قلعنا منها ودخلنا في غلف ليون وقد طمحت له العيون. فلقينا من هدوه وطيب المسير فيه ما كان نادرا من أمره. إلا في نحو ثلاث ساعات من آخر اليل اضطرب بنا شيئا ما ، فأصبحنا صباح يوم الجمعة في مرسى مرسيليا ، فحمدنا الله على السلامة وبلوغ الغاية وقطع المسافة. فكانت مدة سفرنا فيه بعد إسقاط الإقامة المذكورة خمسة أيام.
وبعد ارتفاع النهار جاءنا كبير البلد وطلع إلينا للمركب ، فسلم تسليم البشاشة وأبدى من وجهه طلاقة وهشاشة. وأنزلنا في إعزاز وإكرام وتوقير وفرح وإعظام. وعند نزولنا أطلقوا المدافع حتى ملأ خبر وصولنا من الأقصى والأدنى المسامع ، فدخلنا البلد فتلقونا بالبشر والألطاف والبرور والاسعاف. وصفف لنا كبيرهم العساكر خيلا ورجالا تعظيما لنا وإجلالا. وأركبونا في أكداش (٢) منتخبة تجرها خيل مزينة ، إلى أن أوصلونا إلى دار سنية ، فأقمنا بها في عيشة هنية (٣) بقية يوم النزول ، ويوم السبت بعده. وفي ضحوة يوم الأحد أزمعنا الرحيل منها قاصدين مدينة باريز ، إذ هي كرسي سلطنتهم وقرار مملكتهم.
__________________
(١) من الإسبانية (bota) ومعناها البرميل (المعرب).
(٢) يسمى المغاربة العربة التى تجرها الخيل «الكوتشي» أو «الكودشى» وجمعها «أكداش». وأصلها من الإسبانية (coche). والاسم معروف عند المغاربة منذ زمن ، حيث ورد ذكره عند الغساني في رحلته إلى إسبانيا خلال القرن السابع عشر افتكاك ، ص. ٩. وكتب شيني في هذا الصدد ، أن السلطان سيدي محمد بن عبد الله (١٧٥٧ ـ ١٧٩٠) «لم يكن يظهر أبدا أمام الناس إلا ممتطيا صهوة فرس أو راكبا في عربته ذات العجلتين» :
L. Chenier, The Present State of the Empire of Morocco, ٢ vols.) London, ٨٨٧١ (, ٢ : ٧٠٣ ـ ٨٠٣.
(٣) كانت إقامة أعضاء السفارة في فندق الشرق AAE / CPM ٥١ / ٥١٢ ـ ٦١٢. (Ho؟tel d\'Orient) بورسي (Pourcet) إلى كيزو ، ١٩ دجنبر ١٨٤٥. انظر أيضا رسالة أشعاش إلى السلطان مولاي عبد الرحمن ، ٢٠ ذي الحجة ١٢٦١ / ٢٠ دجنبر ١٨٤٥ ، وهي محفوظة بمديرية الوثائق الملكية تحت رقم ١٧٥٧٨.