قال القسطلاني (١) في شرح الصحيح عند قوله في الحديث : فيكسر الصليب الخ ما نصه. والأصل فيه ما روي أن رهطا من اليهود سبوا عيسى وأمه عليهماالسلام ، فدعا عليهم فمسخهم الله قردة وخنازير ، فأجمعت اليهود على قتله ، فأخبره الله بأنه يرفعه إلى السماء ، فقال لأصحابه أيكم يرضى أن يلقى عليه شبهي فيقتل ويصلب ويدخل الجنة؟ فقام رجل منهم ، فألقى الله عليه شبهه ، فقتل وصلب. وقيل كان رجلا منافقا فخرج ليدل عليه ، فدخل بيت عيسى ورجع عيسى وأبقى شبهه على المنافق ، فدخلوا عليه فقتلوه وهم يظنون أنه عيسى. ثم اختلفوا فقال بعضهم إنه إله لا يصح قتله ، وقال بعضهم إنه قد قتل وصلب ، وقال بعضهم إن كان عيسى فأين صاحبنا وإن كان صاحبنا فأين عيسى؟ وقال بعضهم ، رفع إلى السماء. وقال بعضهم ، الوجه وجه عيسى والبدن بدن صاحبنا. ثم تسلطوا على أصحاب عيسى عليهالسلام بالقتل والطلب والحبس حتى بلغ أمرهم إلى صاحب الروم (٢) ، فقيل له أن اليهود تسلطوا على أصحاب رجل كان يذكر لهم أنه رسول الله ، وكان يحيي الموتى ويبري الأكمه والأبرص ويفعل العجائب ، وعدوا عليه فقتلوه وصلبوه. فأرسل إلى المصلوب فوضع عن جذعه ، وجيء بالجذع الذي صلب عليه فعظمه صاحب الروم ، وجعلوا منه صلبانا ، فمن ثم عظم النصارى الصلبان ، انتهى.
فصليب بمعنى مصلوب ، وهو عندهم على أشكال والصورة واحدة كما تقدم. ولاكن تارة يكون كبيرا وتارة يكون صغيرا ، ويكون من الخشب والحجارة والحديد
__________________
(١) يعتبر القسطلاني من كبار العلماء المصريين ومن المراجع الأساسية في مادة الحديث ، توفي سنة ٩٣٢ / ١٥١٧. ومعلوم أن المسلمين يؤمنون بنبوة المسيح ، لكنهم لا يشاطرون الأفكار المسيحية القائلة بصلبه ، ويعتقدون أن شخصا شبيها بالمسيح قد حل محله وتعرض للقتل. ويفصلون بذلك بين المسيح والرمز التقديسي الذي يمثله الصليب كما هو معروف في اعتقاد المسيحيين. أما الكلام الذي ساقه الصفار في رحلته حول هذا الموضوع ، فقد أخذه عن كتاب القسطلاني إرشاد الساري في شرح البخاري. انظر مادتي «عيسى» و «القسطلاني» في :
. SEI, s. v."؟Isa" and" al ـ kastalani"
(٢) وهو بونتيوس بيلاتوس (Pontius Pilatus) أو بيلات بونت (Pilat Ponte) ، الحاكم الروماني على فلسطين ما بين ٢٦ و ٣٦ بعد الميلاد.
انظر : M. Mourre, Dictionnaire d\'histoire universelle, ed., ٢ : ٥٦٦١. (المعرب).