من رأسها لا من رجليها ، فيجعلون في رأسها صراعا من الجلد له سلسلتان تذهب واحدة يمينا والأخرى شمالا ، في رأس كل سلسلة كرة من عود يدخلون طرف السلسلة في خرصة مسمرة في الحائط قبالة الفرس ، وتلك الكرة تحصرها. ويفرشون لها التبن تقف عليه ، فإذا بالت عليه وراثت مرتين أو ثلاثا أبدلوه بغيره نظيفا. وبمدخل الإصطبل لوح مكتوب فيه قانون سياسة الخيل ومقدار علفها وغير ذالك مما يتعلق بمباشرتها. وكل فرس مسمى باسم يخصه واسمه مكتوب في لوح صغير قبالة وجهه. ويفصلون بين كل فرس وءاخر بلوحة غليظة معلقة من فوق ، إذا ضربها الفرس برجله تباعدت ولو كانت ثابتة في الأرض لا نكسرت بضربه.
وبهذه القلعة أيضا كراريط وسراير لجر المدافع وإقاماتها من بارود وكور وغير ذالك ، وبها كثير من المدافع كبارا وصغارا كل نوع على حدته. وكذالك كورها يحسن النظر إليها لحسن وضعها وترتيبها وتصفيفها وصقالتها ، كأنها اليوم خرجت من دار الصنعة. وبها خزنة للسلاح كما تقدم ذكره لا يغفل خدمتها عن تعاهدها وتزييتها ، وخزنة أخرى مثلها أو أكبر منها والكل مد البصر ، لإقامات الخيل التي تجر المدافع وغيرها للحرب من برادعها ولجمها وأحبالها وسلاسلها وغير ذالك. ولكل قلعة من هذه القلع سور عظيم مثل سور البلد والحفير خلفه والقنطرة أمام الباب ترفع وتوضع ، وكل قلعة مقدار بلد من البلدان.
وهذه المدينة يشقها نهر كبير يسمى لاسين ، وهو جار بها من الشرق إلى الغرب ، عليه فيها سبع عشرة قنطرة ، وتلك القناطر على أشكال. فمنها ما هو مبني على أقواس الحجارة كغالب القناطر ، ومنها ما هو على أقواس الحديد ، وبين الأقواس وسطح القنطرة دوائر عظيمة من الحديد كبارا وصغارا عليها سطح القنطرة. ومنها نوع آخر وهو أعجبها معلقة من فوق وليست منزلة على الأقواس كغيرها. وذالك أنهم عمدوا إلى طرفي النهر فبنوا فيهما بناء وثيقا على شكل سارية مفتوح وسطها بقوس ليمكن المرور فيها ، وربما زادوا بناء ثالثا في وسط النهر إن كان عريضا جدا ، وجعلوا أرض القنطرة الذي يمر عليه من الخشب الوثيق تحمل على سبائك من الحديد ، وتلك السبائك ممسكة بقضبان من حديد قائمة على جوانب القنطرة ، يدخل طرفها الأسفل في تلك الخشب حتى يتصل بالسبائك التى تحمل عليها الخشب وتسمر فيها. وهذه القضبان القائمة يمسكها من أعلاها قضبان أخر عظيمة ممتدة على حاشيتي القنطرة تسلك في البناء المذكور ، ومنه ابتداؤها وفيه انتهاؤها فهي التي