وهذه المكوس التى تؤخذ مما يدخل على المدينة لا تدخل عندهم في خزانة البيلك ، بل هي عندهم معدة لمصالح البلدة كتعديل طرقها وإيقاد الفنارات بها. وهي عندهم في كل بلد ، لاكن في هذه المدينة بالخصوص منها المئون والآلاف ، يقال إن فيها ماية ألف فنار وكلها مرفوعة على أعمدة من الخشب محكمة الإنزال والتصفيف متساوية في العلو. إذا وقفت في طريق الصف ونظرت إليه ترى كأنه حبل ممدود مد البصر ، ليس واحد منها بارزا عن الآخر ولا زائدا عليه في العلو. واذا وقفت في فضاء من أماكنها خصوصا على النهر الذي بها في الليل عند ايقادها ، تراها كما ترى النجوم في الليلة المظلمة الصاحية ففيها منظر عجيب. ويصرفون أيضا من هذه المكوس على اسبيطارات (١) المرضى ومدارس تعليم أولاد الفقراء ، وغير ذالك من مصالح البلد.
وبخارج هذه المدينة قريبا منها قلعات محتفة بها في غاية من التحصين ، يسكنها العسكر وفيها أبراج المدافع (٢) ، وبها يسكن الطبجية (٣) ، لهم بها بيوت عديدة فيها فرشهم وأسلحتهم وبها بيوت وخزنات لأنواع السلاح الذي يحمل من سيوف ومكاحل وتوافل وبيضات ودروع ، وغير ذالك من أنواع السلاح في أحسن صورة في نظافته ووضعيته وكيفية إنزاله ، يصورون منه في وضعه خصصا وثريات وسواري وأشكالا بديعة. وفي هذه القلعات اصطبلات للخيل التي تجر المدافع وءالاتها ، وفي كل إصطبل خدمة كثيرون لا يفترون عن العمل في صيانة الخيل. وربطها عندهم
__________________
(١) مفردها اسبيطار ، وهي مأخوذة من الإسبانية أوسبيتال hospital). أما التسمية الكلاسيكية فهي البيمارستان ، وهي كلمة فارسية (مركبة من بيمار وتعني مرض ، وإستان وتعني المكان) ، غالبا ما كانت تحذف الباء فيقال مارستان. غير أن لهذه التسمية معنى خاصا في المغرب ، إذ كانت تطلق على المكان الذي يحتفظ فيه بالمجانين وبالمصابين بالأمراض العقلية. انظر :
W. MarC؟ais, Textes arabes de Tanger) Paris, ١١٩١ (, p. ٥٦٤.
بالإضافة إلى مادة «بيمارستان» في : EI ٢ ,s.v."Bimaristan " ..
(٢) قام الصفار رفقة أعضاء البعثة السفارية بزيارة لحصن سان كلود (St.Cloud) الواقع في جنوب غرب باريز ، يوم ٥ فبراير ١٨٤٦. انظر : AAE / ADM Voyage ، بوميي (Beaumier) إلى دوشاستوde) (Chasteau ، ٨ فبراير ١٨٤٦.
(٣) الطبجية ، هم رجال المدفعية ، وأصلها من التركية ، انظر : ٢٠ : ٢Dozy