غيرهم من سائر الروم. ولها سور حصين مستحدث لم يكن لها في القديم (١) ، وهو يرى من خارج ولا يرى من داخل لأنه من داخل مردوم بالتراب والحجارة حتى ساوى الردم رأسه أو علاه ، وخلفه لخارج حفير عظيم واسع عميق ، وعلى رأس السور لداخل مواضيع المدافع وسورها تباعد عن دورها وأبنيتها المتصلة ، ليزاد في ذالك الفضاء الذي بين البناء والسور عمارات أخر فتكبر بذالك المدينة وتزيد. ولم يجعلوا لها أبوابا في السور كما هو في غيرها ، نعم إذا دخلت داخل السور ووصلت إلى ابتداء العمارة ألفيت أبوابا من الحديد مسورة عن يمينها وشمالها بضرابيز (٢) من الحديد ، بحيث لا يدخل أحد إلا على ذلك الباب. وبها حراس وعسكريون واقفون يفتشون كل من دخل أو خرج لأجل المكوس التي توخذ ممن يدخل للمدينة أو يخرج منها بما يماكس عليه عندهم. وبإزاء ذالك الباب ديوان العشارين ، وهكذا في كل مداخلها (٣). ولم أقف على تحقيق فيما يعطى عليه عندهم وما لا ، إلا أن القمح لا يعطى عليه واللحم يعطى عليه ومذبحه بخارج المدينة. وأعظم ما تؤدى عليه المكوس عندهم الخمر ، حتى جعلوا له ديوانة مخصوصة في ناحية على حدتها فيها عدة من الخزائن والبيوت المعدة لإنزال براميله ، وهو من ضروريات العيش عندهم.
__________________
(١) في سنة ١٨٤٠ ، أحيطت باريز بسور جديد على مسافة من مثيله القديم الذي كان الهدف من بنائه خلال القرن الثامن عشر هو التحكم في تحصيل الرسوم الواجب أداؤها على السلع الداخلة أو الخارجة من المدينة ، وأصبح يشكل زمن زيارة البعثة المغربية جزءا من المنطقة شديدة الاكتظاظ بالسكان. وحين انتهت أشغال البناء سنة ١٨٤٣ ، بلغ محيط دائرته حوالي واحد وعشرين ميلا. وبنيت داخله حصون بارزة لنصب المدفعية ، كما تمت حمايته بخندق واسع الأرجاء من كل جهاته الخارجية. وبنيت حول المدينة حصون جديدة بلغ عددها ستة عشر حصنا على مسافة تعادل رمية المدفع. وكان الهدف من ذلك كله ، هو أن تكون لباريز واجهة المدينة المتمتعة بالتحصينات الجيدة والمتينة. انظر :
P. Lavedan, Histoire de Paris, se؟rie" Que sais ـ je؟" n! ٤٣) Paris, ٠٦٩١ (, p. ٨٧ ـ ٩٧.
(٢) مفردها ضربوز ، انظر : ٤٣٠ : ١Dozy
(٣) ويتعلق الأمر بالأبواب القديمة التي كانت تؤدي الضرائب عند المرور عبرها دخولا أو خروجا ، وهي المعرفة باسم باريير (barrie؟res) ، إذ كان يقف عندها المكلفون بتحصيل رسوم الأبواب. انظر :
Jacques ـ Louis Me؟ne؟tra, Journal of My Life) New York, ٦٨٩١ (, p. ٤٣١ et note ٧٦١.