ألفيت كذالك في معدنها. ثم ما لا يحصى من أنواع معادن الذهب والفضة والنحاس والرصاص والحديد. ومنه صخرة عظيمة من الحديد زعموا أنها نزلت كذالك من السماء ، مع أشكال كثيرة من أحجار الزمرد واليامنض (١) وغيره مما لا نعرف له اسما ، وإن كان كل نوع مكتوب عليه اسمه وبيانه. مع أنواع أيضا من الرخام الصافي والملون ، مع عظام حيتة زعموا أنها من بقية الطوفان (٢) ، وأنهم قاسوها على أشكال الحيوانات الموجودة الآن ، فلم يجدوا ما يوافقها ويشاكلها. وهناك ريش السمندل (٣) وجميع أصناف حبوب القمح الذي يوجد ببلادهم منه في سنبله ومنه حب في زجاجات ، إلى غير ذالك مما لا يحصى من أنواع المعادن.
وفي هذا البستان أيضا أنواع النباتات غريبة وغيرها. فما يمكن جعله في الأرض في تلك البلاد فهو في الأرض ، وكل خشبة مغروز عليها عود صغير في رأسه ورقة مكتوب فيها اسم تلك العشبة وخاصيتها. وما كان من النباتات الغريبة التي لا تحتمل برد بلادهم ، جعلوا لها بيوتا سقفها وجوانبها من الزجاج المنطق بفساقي الخشب ، بحيث يمكن فتحه وغلقه. وجعلوا في أرض البيت القواديس من الحديد يجري فيها ماء حار يسخن بنار خارجة عن البيت ، وفوق القواديس شبابيك من الحديد هي أرض البيت ، وجعلوا النباتات في الصناديق والأواني. ويجعلون حرارة ذالك البيت التي تنشأ مما ذكر على ما يوافق النبات الذي فيها ، فإذا كان النبات من أرض الصحراء كالنخلة مثلا ، جعلوا الحرارة مثل حرارة الصحراء بحيث تصلح للنخل. أو كان النبات من بلاد ميريكة ، جعلوا الحرارة كحرارة ميريكة ، وهكذا. فإذا كان زمن البرد والغيم أغلقوا ذالك البيت من جميع جهاته ، وربّوا النبات بالحرارة
__________________
(١) تحريف للتسمية الفرنسية ديامان (diamant) ، وهو الماس الرفيع الجودة. وعند الغساني ، يامنط : افتكاك ، ص. ٨٤.
(٢) كان الترجمان الفرنسي المرافق للبعثة المغربية خلال جولتها الاستطلاعية يستعمل كلمة الطوفان وسيلة لوصف بعض مظاهر الحياة في فترات ما قبل التاريخ حتى يفهمها الصفار الذي لم يكن بإمكانه وبحكم معتقداته الدينية الثابتة تصور أي تطور تاريخي للكون لا تربطه علاقة مباشرة بالقدرة الإلاهية.
(٣) ويقابله بالفرنسية سلاماندر (salamandre) ، وهو حيوان صغير من فصيلة الضفدعيات أصفر اللون منقط بالسواد (المعرب).