تشويه ، ولهم وجوه مصنوعة بقصد ذالك ييعونها بعينين كبيرين أو فم أعوج أو نحو ذالك. ومن جملة ما يصنعون في هذا العيد ، أنهم يدورون في البلد بأسمن فحل من فحولها في موكب عظيم مدة ثلاثة أيام ، ثم يذبحونه ويعطون لصاحبه نصيبا من المال في مقابلة تسمينه له حتى يسمن سائر الناس عجولهم ، ويقول كل واحد إن عجله هو الذي يكون أسمن ، وبه يفعل ذالك فيتنافسون في تسمينها لأجل ذالك ، ولا يوجد عندهم الهزيل أصلا ، والغالب عندهم في ذالك الشي.
وأما السمك فإنهم يتفننون في طبخه تفننا عجيبا ، منه ما يطبخونه في الماء وعند أكله يصب عليه الخل والزيت ويدر عليه الملح. ومنه ما ينزع شوكه ويعجن في بعضه بعضا ويجعل أقراص ويشوى أو يطبخ. ويأكلون أيضا حيتانا تكون صغيرة وكبيرة ، من خاصيتها أنها تكون في الماء خضراء فإذا ألقيت في الماء الحار صارت حمراء (١). ويعتنون بها كثيرا في مئاكلهم ولا تخطيهم في الغالب ، والسمك من حيث هو لا يكون طعام بدونه أصلا. ولا يتفننون في الأطعمة بالتلون في طبخها ، وإن كان عندهم من ذالك شيء فيفعلونه كل وقت. وبالجملة فطعامهم كله لا لذة له ، وإن ملّحه وفلفله. لكن ما لا يستغنى عنه ليس منه بد ، وللضرورة ما يسد.
وفواكههم وحلاويهم حسنة لذيذة المذاق. فمن فواكههم التي كانوا يحضرونها لنا التفاح والإنجاص (٢) ، ويوجد عندهم في زمن الشتاء على الدوام. وهما في غاية من الصفاء سالمان من الأفات. واللشين وهو في بلادهم قليل ، ولاكن يجلب إليهم من محل آخر. والعنب في غالب الاوقات ولم يكن ينقطع عندهم أيضا وقتئذ ، إلا أنه ليس كثيرا مثل التفاح والإنجاص ، إنما يحضرون منه عنقودا أو عنقودين ، ويأكلون
__________________
الكرنفال ، ويحتمل أن يكون قد اكتفى بقراءة ما كتب عنه الطهطاوي ، أو أنه سمع كلاما في موضوعه من بعض الفرنسيين المرافقين. قارن مع ما جاء في الموضوع في تخليص ، ص. ١٢٣ ، وأيضا ،. ١٥٩.L\'or ,p
(١) ويتعلق الأمر ببعض أصناف السمك المعروفة بالقشريات : ومنها سرطان البحر المعروف بالهومار (homard) والكركند المعروف باللانكوست (langouste) والذي يسمى أيضا جراد البحر ، وأيضا الإربيان المعروف بالكروفيت (crevette). وتحتوي جميعها على مادة ملونة في قشراتها ، وحينما توضع فوق النار عند طبخها تتحول من اللون الأزرق إلى الأحمر.
(٢) وهي التسمية الدارجة التي يطلقها المغاربة على فاكهة الإجاص (المعرب).