وشعاع الدروع التي هم لابسونها على ظهورهم وصدورهم.
وكان في صدر الميدان ولد السلطان الأكبر مع باقي إخوته ، فأوقفوا رءيسنا معهم وجعلنا ننظر. ثم تحركت العساكر ، فانزاحت الخيل عن محلها ، وجعلت تذهب إلى طرف الميدان. وتزحزحت أيضا الرجالة ، فبينما هم وقوف ملتصقين ببعضهم بعضا إذا انفصلوا فصاروا أبراجا وجداول مربعة. ثم انفصلوا انفصالا آخر وصاروا جداول وصفوفا ، فأقبلوا لصدر الميدان ليتسردوا هنالك ، فانقسموا على ستة أو سبعة أقسام ، كل قسمة انقسمت أيضا على اثني عشرة قطعة. وكل قطعة على حدتها بكبير يقدمها بيده سيف مسلول ، مشتملة على ثلاثة صفوف ، كل صف فيه أكثر من ثلاثين رجلا ، دون صف أصحاب الموسيقا. فأول من يتقدم من القسمة ويسمونها الطرونبة (١) صف فيه ثلاثة عشر أصحاب الشواقير ، قد علقوا عليهم مكاحلهم وجعلوا شواقرهم على رقابهم ، وعليهم الجلود وعلى رأسهم برنيطة (٢) طويلة سوداء كأنها جلد معز منتفخ. وفائدة تقدمهم إذا عرض في الطريق شجرة أو عود أو غابة ، أزالوا ذالك بشواقرهم وفتحوا الطريق.
ثم يتلوهم أصحاب الموسيقى في صفين يتقدمهم واحد بيده دبوس من حديد ، وخلفه صفان ، كلهم أصحاب الأطبال في كل صف ثمانية عشر. وخلفهما واحد بطبل كبير ، ومعه شخصان بهندقتين (٣) كبيرتين من النحاس يضربان بهما. ثم بعدهم صفوف أصحاب الغيطات ومعهم شخص أو شخصان يحمل عمودا من صفر في رأسه قبة صغيرة فيها جلاجل فيضرب بكفه على العمود فتتحرك تلك الجلاجل ، وذالك من تمام الموسيقى.
ويتلوهم صفوف العسكر كل قطعة على حدتها ، مشيتهم خطوة واحدة يرفعون
__________________
(١) وهذا تحريف من الصفار للمفردة الفرنسية تروب (troupe) ، أي فرقة (المعرب).
(٢) انظر الهامش رقم ١٣ أعلاه ، ومعناها قبعة.
(٣) المعنى واضح من خلال السياق ، ويتعلق الأمر بصفحتين نحاسيتين دائريتين متوسطتين ومسطحتين تضرب إحداهما بالأخرى في الفرق الموسيقية الكبيرة ، واسمها بالفرنسية سيمبال (cymbale) ، وفي العربية : الصنج وجمعها صنوج (المعرب). أما لفظة هندقة التي استعملها الصفار هنا ، فلم نعثر عليها في أي من القواميس وتعني في المغربية الدارجة إحداث ضجيج وهرج ومرج في مناسبة ما قد تعبر عن الفرح أو القرح.