الذبابة فظهرت كالغربال الكبير وكلها ثقب كثقب الغربال. ووضعوا عليه لسان ضفدع صغيرة فانطبع في الحائط أعظم ما يكون ، وظهرت عروقه كلها كبيرها وصغيرها ، ويظهر الدم يجري في تلك العروق ذاهبا وراجعا في أسرع ما يكون ، كأنما هدمت قرية نمل دقيق فتراه يجوح في بعضه بعضا. ثم وضعوا قبالها خمير دقيق طال شيئا ما حتى تغيرت رائحتها ، فظهر فيها دود أمثال كبار الحنوش تكعكع وتلتوي على بعضها بعضا ، وفي خارج ذالك لا يظهر فيها شيء. ويضعون هناك قطعة لحم من لحوم الحيوانات ، ويرون ما حدث فيها من التغيرات.
ثم فرغوا من هذا وأتوا بزجاجة نافذة من جهتين ، في أسفلها عمود من حديد ، وينزل عليه من فوق عمود آخر ويلتقيان برأسيهما ، وفي طرف كل عمود منهما شريطة من نحاس ، وتتصل الشريطة بعمل وأوان وحركات. فإذا التقى العمودان برأسيهما ، حدث من بينهما نور عظيم أضاء له ذالك البيت مع شدة إظلامه ضوءا عظيما. وقالوا لو أرادوا أن يجعلوا هذا فوق محل عال من باريز ترى منه باريز كلها لأضاءت بذالك كلها ضوءا يغني عن الفنارات. ثم وضعوا بين رأسي العمودين قطعة فضة فذابت بسرعة ، ووضعوا فيه معدنا آخر زعموا أن النار لا تعمل فيه شيئا فذاب بسرعة. وإذا والت إحدى الشريطتين الأخرى ، خرجت من بينهما نار مثل البرق. وإذا أمسكها أحد بيده وبلّه بالريق ، ارتعدت عروقه من داخل حتى لا يصبر ويرسله بسرعة. وإذا أفسخوا تلك الشريطة من العمل الذي هي متصلة به ، لم يبق فيها شيء من ذالك. وهذا العمل أواني صغار من الحديد متصلة ببعضها بعضا بقطعة نحاس صغيرة ، جملة منها في ناحية وجملة في ناحية قبالتها ، وإحدى الجملتين منفصلة عن الأخرى ، ويربط من كل عمل شريطة من الشريطتين المذكورتين ، فيخرج منهما ما ذكر. وانظر ما في تلك الأواني من الحكمة.
ومن أعجب ما رأيناه في هذا المحل وأغربه ، حركة يصل بها الخبر من محل إلى محل في لحظة ، وإن كان بعيدا مع استيفائه واستيعابه لأنها بالكتابة (١). وبيان ذلك
__________________
(١) كان التلغراف الكهربائي لا زال يخطو خطواته الأولى أنذاك. وفي سنة ١٨٤٤ صوت البرلمان على ميزانية لإنشاء أول خط تلغرافي بين باريز وروان (Rouen) ، غير أن استعماله لم يصبح رهن إشارة عموم الفرنسيين إلا مع حلول سنة ١٨٥١.
La Grande Encyclope؟die Larousse, ed ٦٨٨١., s. v." Te؟le؟graphe"; Pinkney, Decisive Years, p. ٨٥ ـ ٩٥.