الحرب من الزوايا الأكثر إيلاما : الإنسان ومصيره. على أنقاض الديكتاتورية وفي ظلال آلة الحرب الأميركية وجنودها ، قام الشاعر بلباس الصحافي وعدّته بمغامرة تنطوي على مجازفة وخطر كبيرين ، ليروي في كتابه هذا قصصا إنسانية التقطها من شهود الفاجعة بوصفه مراسلا تلفزيونيا يغطي أحداثا في منطقة تلتهمها الحرائق.
أفاد صاحب الرحلة مما سبق وأنجز من تقارير تلفزيونية عن مآسي الديكتاتورية والحصار والحرب ، فإذا به يؤلف كتابه من مقبرة جماعية في كربلاء ، وأرض مجففة في الأهوار ، ومعارض إسلامي حفر مخبأ في بيته وتوارى فيه اثنين وعشرين عاما ، هربا من أجهزة الأمن السياسي ، وطفلة مشلولة لم تجد علاجا ، ومخدوعا بالديكتاتور فهو من فدائييه ، وشاب يباهي بقميصه الذي داس عليه صدام ذات يوم بحذائه ليخاطب الجماهير ويرتقي عربته العسكرية ، إلى مساجد الديكتاتور التي أنفق في بنائها مئات الملايين من الدولارات فيما كان شعبه يئن تحت وطأة حصار أودى بحياة الملايين ، وخصوصا الأطفال.
لجنة التحكيم ، التي أبدت عدم اتفاقها مع الكاتب حول بعض التفسيرات السياسية للأحداث ، ارتأت أن الكتاب يستحق جائزة ابن بطوطة للرحلة الصحافية لصدقه وجرأته في الكشف عما توصل إليه من قصص وأحداث ومشاهد ذات دلالات إنسانية ، انتصر معها الكاتب لقضايا الناس المظلومين ولفكرة الأمل وإرادة الحياة على مظاهر اليأس.