حديد. وفي هذا الصدد كتب عنه مؤرخ مدينة تطوان محمد داود أنه «سدل رداء الأمن على جميع إيالته ، حتى بلغ من الأمن في مدته ، أن كان النساء يبتن في الجنانات والغراسي وحدهن بدون رجل لا يخفن إلا الله» ، على غرار ما ورد تكراره في الأدبيات التقليدية المتعلقة بموضوع الأمن والسكينة. وكانت صرامته وولاؤه لشخص السلطان ، سببا في تدعيم مكانة أسرته وضمان إحكام استمراريتها في بسط نفوذها على تطوان. وعند وفاته في ١٨٤٥ ، انتقلت مهام باشوية المدينة إلى ولده البكر عبد القادر (١).
ولم تمض سوى أشهر قليلة على تسلم عبد القادر أشعاش لمهامه الجديدة ، حتى كافأه السلطان باختياره مبعوثا عنه في سفارة إلى الخارج. علاوة على ذلك ، كان عمره أصغر بكثير مما كتبه ليون روش ، إذ يحتمل عدم تجاوزه سن الثامنة والعشرين. ويمكن أن يتساءل المرء كيف وقع الاختيار على شخص ذي تجربة قليلة لتنفيذ مهمة فائقة الصعوبة ، تتطلب من المكلف بها مؤهلات كبيرة. صحيح أن عبد القادر أشعاش لم يكن حديث العهد بشؤون الحياة العامة ، بحكم قضائه إلى جانب والده بضع سنوات تتلمذ عليه خلالها في مختلف الجوانب والقضايا المتعلقة بتسيير مصالح المدينة ومرافقها ، وأيضا في كل ما له صلة بالأمور السياسية على المستوى المحلي ، أو في إطار العلاقات مع القصر السلطاني والمستويات العليا من الجهاز المخزني (٢). لكن أشعاش بعيدا عن مستوى تكوينه التعليمي وعن مؤهلاته وقدراته المتنوعة ، كان يملك ما هو أهم من ذلك بكثير ، ألا وهو ثروته الطائلة التي سمحت له بتحمل كل الأعباء المالية لمصاريف البعثة السفارية. ويبدو أن هذا العنصر كان ، إلى جانب عوامل أخرى ، هو العامل الأقوى الذي حسم اختيار المخزن دون سواه من أجل تلك المهمة.
__________________
(١) محمد داود ، تاريخ تطوان ، ٣ : ٢٧٦ ـ ٢٩٤. قدم فيها مؤرخ تطوان وصفا مطولا للفترة التي شغل خلالها محمد أشعاش منصب عامل على المدينة.
(٢) لم يكن أشعاش على حظ كبير من الثقافة والتعليم ، وفي ذلك تأييد لما سبق للعروي تأكيده ، من أن غالبية السفراء الذين وقع عليهم الاختيار للتوجه في بعثات دبلوماسية إلى الخارج كانوا أشباه أميين ، انظر :(Origines ,p.٥١٢).
ويوجد في مجموعة AAE / ADM" Voyage de Sidi Aschasch, Pacha de Tetouan, ٥٤٨١" ، والتي سوف نشير إليها من الآن فصاعدا هكذا : AAE / ADM Voyage ، يوجد تقييد بخط يده الرديء لا يحمل تاريخا.