المميزة : وهي أن يكون ذا مظهر خارجي مهيب ، متصفا بالذكاء واتقاد الذهن ، وأن يكون من ذوي الحسب والنسب ، ويحتل مكانة سامية في الدولة» (١).
وصلت في آخر الأمر أخبار تفيد أن السلطان اتخذ قراره في الموضوع. وبلغت مسامع ليون روش ، من «أحد أصدقائه الموجودين بالقصر السلطاني في فاس» ، أن الاختيار قد وقع على عبد القادر أشعاش ، عامل تطوان. وفي حينه ، بادر ليون روش إلى تحرير رسالة وجهها إلى وزير الخارجية الفرنسي كيزو (Guizot) ، تضمنت وصفا يطري شخصية أشعاش ، حاول من خلالها تغطية ما كان ينقصه عن فصول حياته وأصوله من دقة ، باختلاق نوع من الحماسة المبالغ فيها ، نقتبس منها ما يلي :
«كان أسلافه من المورسكيين المبعدين من إسبانيا في القرن الخامس عشر ، واستقر في المكان الذي تقع فيه اليوم تطوان ، ويعتبرون مؤسسين لها. ومنذئذ ، آل منصب الباشا لفائدة كبير الأسرة. وأصبحت الباشوية حكرا على عناصرها عن طريق الوراثة ... وتم ذلك بشكل لا مثيل له في المغرب. وهكذا فإن أشعاش من أهل الحسب والنسب ، والجاه الرفيع. وإن كان يكاد يبلغ الخامسة والثلاثين من العمر ، فهو واسع الاطلاع وله ما يكفي من التجربة الدولية. فهو يحظى بكامل الثقة ، وعلاقاته حميمة بالإمبراطور ، ويملك ثروة طائلة ، كما سبق له أن زار مكة ... وسيكون من المستحيل حقا العثور في المغرب على رجل أكثر ملاءمة منه» (٢).
كان أشعاش الابن البكر لإحدى الأسر التطوانية الثرية ذات النفوذ ، وقد سبق لأبنائها تقلد مهام السلطة والسهر على تسيير شؤونها مدة استغرقت ثلاثة أجيال متعاقبة. وكان جده عبد الرحمن أشعاش ، أول من اكتسب مكانة سياسية بارزة بين كل أفراد الأسرة ، إذ استطاع أن يشغل منصب عامل على تطوان ثلاث مرات. وكان والده محمد أشعاش عاملا على المدينة نفسها ، واشتهر ببأسه الشديد وشخصيته القوية. فكان مهاب الجانب ، يخشاه الناس ، حتى قيل إنه كان يحكم تطوان بيد من
__________________
(١) AAE / COM ٤١ / ٦٠١ ـ ٧٠١ ، روش إلى بوسلهام ، ١٠ غشت ١٨٤٥.
(٢) AAE / CPM ٤١ / ٣٥٢ ـ ٤٥٢ ، روش إلى كيزو ، ٢٠ أكتوبر ١٨٤٥. وعلل السلطان وقوع اختياره على أشعاش في رسالة وجهها إلى خادمه بوسلهام بن علي في ١٨ شوال ١٢٦١ / ٢٠ أكتوبر ١٨٤٥ ، بقوله : «لما رأينا من رزانته وعقله ولكونه من بيوتات الرياسة والخدمة» ، محفوظة بمديرية الوثائق الملكية ، تحت رقم ١٠٧٩٥.