العربية» (١). وكان يعمل وقتئذ كاتبا خاصا للقنصل الفرنسي دوشاستو. وفي ٦ دجنبر غادروا جميعا طنجة بحرا في اتجاه تطوان التي وصلوها في اليوم نفسه. وعند دخولهم المدينة ، وجدوا أزقتها وسطوح منازلها ممتلئة عن آخرها بالسكان الذين بدت مظاهر الفضول واضحة على وجوههم ، وكان أشعاش ينتظر وصولهم قاعدا في الرياض الموجود بمحل إقامته ، فأحدث مظهره وقعا إيجابيا في نفوسهم. وكتب دوشاستو على أثر ذلك قائلا : «إن ابتسامته ظريفة وتصرفاته لبقة ؛ وأعتقد أن حكومة الملك ستكون راضية عن اختياره سفيرا إليها» (٢).
وسرعان ما تبين أن أعضاء البعثة المغربية لم يكونوا على استعداد للانطلاق في رحلتهم نظرا لهبوب رياح عاصفة في تلك الليلة ، مما دفع إلى إبعاد المركب «ميتيور» إلى عرض البحر اتقاء لمخاطر العاصفة. ولمدة أيام عديدة ، لم تسمح الأحوال الجوية المضطربة بعودته إلى الساحل. وأخيرا ، اجتمع أعضاء السفارة في صبيحة يوم ١٣ دجنبر على الشاطئ ، وأرسل القائد جويفروي زورقا كبير الحجم لحملهم إلى «الميتيور». وما لبث «أن اكتسح ذلك الزورق جموع المغاربة الذين لا شك في أنهم كانوا يرغبون في ركوبه» حسب ما كتب جويفروي في يوميته. وفي غضون ذلك ، كان بعضهم الآخر منهمكا في توديع السفير : «فقام أحدهم بتقبيل كسوته ، وقبله آخر في كتفه ، بينما قبل الثالث يديه». وحين صعد المغاربة على متن «الميتيور» ، أمر
__________________
(١) ولد أوكست بوميي سنة ١٨٢٢ في مرسيليا ، فدرس العربية وأصبح كاتبا خاصا للقنصل الفرنسي دو شاستو (de Chasteau) سنة ١٨٣٩. وبعد عودة السفارة المغربية ، قضى جل مساره الدبلوماسي في المغرب ، فكان نائبا قنصليا في الرباط ، ثم قنصلا بالصويرة إلى حين وفاته بها سنة ١٨٧٦. وكانت له إلى جانب ذلك اهتمامات علمية (انظر : ٢٢٢ ـ ٢٠٩ / ٤ (AAE / MDM فكتب مقالات في مجلة :
Bulletin de la Socie؟te؟de Ge؟ographie
كما ترجم إلى الفرنسية كتاب الأنيس المطرب بروض القرطاس ، حول تاريخ فاس لمؤلفه ابن أبي زرع المتوفى في ١٣٢٥ ه. أنظر أيضا :
AAE, Dossier Presonnel" Beaumier" ، بالإضافة إلى :
J. Caille؟," Auguste Beaumier : Consul de France au Maroc", Hesp. ٧٣) ٠٥٩١ : ٣٥ ـ ٩٥
(٢) ١٩٣ ـ ١٨٩ / ١٥AAE / CPM ، دو شاستو إلى كيزو ، ٥ دجنبر ١٨٤٦.