اختلاف مشاربهم وانشغالاتهم. وساد في أرجاء المدينة عبير خاص حول مبعوث السلطان ، تعلق بالمكانة الخاصة التي كان يحتلها المغرب في ذاكرة الفرنسيين الشعبية. ذلك البلد القريب منهم جدا من الناحية الجغرافية ، والبعيد جدا من حيث طريقة عيشه وعقلية سكانه ، إلى درجة أن «المغربي أصبح يبدو في نظرهم لا يختلف عن الصيني تماما» (١). وكانت هناك أيضا ملامح السفير الوسيمة اللافتة للنظر ، التي أثارت في الأذهان مزيدا من التصورات المفعمة بالرومنسية وروح المغامرة. «لقد شد المبعوث الوافد من المغرب ... عقول الباريزيين. فكل شيء فيه يذكر بسلاطين المورسكيين في غرناطة وبآل ابن سراج ذوي الأصول العريقة التي انحدر منها هو نفسه» (٢). وتمت الإشارة بكامل الدقة إلى ملابسه التي وصفت جميعها من أعلى رأسه إلى قدميه :
__________________
(١) حين وردت الأخبار الأولى في جريدة «الإلوستراسيون» الفرنسيةL\'Illustration ، بتاريخ ٣ يناير ١٨٤٦ ، معلنة وصول السفير المغربي ، فقد وعدت قراءها بتقديم «كامل التفاصيل ، وأكثرها غرابة حول السفير».
(٢) الجريدة نفسها ، بتاريخ ١٠ يناير ١٨٤٦. ويتعلق الأمر بأبطال قصة رومنتيكية ـ تراجيدية ألف فصولها شاتوبريان (١٨٤٨ ـ ١٧٦٧)(FranC؟ois ـ Auguste ـ Rene؟de Chateaubriand). تحت عنوان :
Les aventures du dernier Abencerage) Paris, ٦٢٨١ (واستمد وقائعها من الوضع القائم في إسبانيا خلال القرن الخامس عشر. وانظر أيضا :
Hassan Mekouar, Washington Irving the Arabesque Tradition) Ph. D. dissertation, Brown University, ٧٧٩١ (, pp. ٠٣ ـ ١٣; EI l, s, v" Abencerages".
(المعرب) : والمقصود هنا أسرة بني سراج التي أقامت بالأندلس منذ القرن الثامن الميلادي ، ودخلت في صراعات قوية مع الزكريين الذين كانوا سببا في سقوط غرناطة سنة ٢٩٤١ كما هو معلوم. وكانت المغامرات الأسطورية لأفراد هذه الأسرة قد وردت روايتها عند :
Gine؟s Perez de Hita : Historia de la guerras civiles de Granada) ٤٠٦١ (.
انظر : Mourre, Dictionnaire d\'histoire universelle, s. v" Abencerage" p. ٣٢