«السفير رجل شاب عمره ثمان وعشرون سنة ، حسن المنظر متوسط القامة ، رقيق الملامح ، وعيناه لطيفتان معبرتان ، وله يدان صغيرتان جميلتا الشكل. ويلبس ... طربوشا (١) حادا في نهايته ، وتحيط به عمامة من الثوب الموصلي الرقيق. ويحيط برأسه ثوب أحمر اللون من الكشمير ... ويرتدي فوق عدة أقمصة قصيرة لباسا فضفاضا ، يسمى الجلابة ، وهي اللباس الوطني في المغرب. وذلك الجلباب مثبت على جسده بحزام يشده. وحين كان الباشا يعزم على الخروج ، فإنه يضع فوق كل ذلك سلهامين (٢) إضافيين ، أحدهما من الصوف والثاني من ثوب ثقيل رمادي اللون. ويلبس سروالا لطيفا من الحرير الأبيض ، ويحتذي بلغة صفراء (٣) كان يضغط دائما على مؤخرتها بقدميه».
وبعد مدة قصيرة من وصول أعضاء البعثة المغربية ، نشرت جريدة الإلوستراسيون L\'Illustration مجموعة من الصور للسفير ومرافقيه. فساهمت بتلك الصور المرئية في تعزيز ما تداولته الألسن من كلام عادي في الموضوع. وعبرت باريز عن رغبتها الأكيدة في أن يشكل المغاربة خلال ذلك الخريف ، أبرز حدث مثير للاهتمام والإعجاب داخل الأوساط الاجتماعية الباريزية. فتوالت الدعوات إلى الحفلات الراقصة ، وإلى السهرات ومختلف مظاهر الفرجة المقامة لغايات خيرية. كما التمس البعض الحصول من رئيس البعثة على المال والهدايا ، وكتبت في حقه القصائد الشعرية. كما وردت على السفير رسائل ينطوي بعضها على نصائح مسداة إليه وأخرى على تحذيرات. وكان أوكست بوميي (Auguste Beaumier) السكرتير الشاب الذي فوض إليه أمر السهر على تنفيذ الجدول الزمني للبعثة ، يحاول جاهدا بذل كل ما في وسعه ، لضمان السير العادي لحياة السفير المغربي ومرافقيه تجنبا لكل ما قد
__________________
(١) تمت كتابته هكذاsarbush ، وهو القبعة أو غطاء الرأس المصنوع من ثوب اللباد ، ويسميها دوزي «بغطاء الرأس الذي يتميز به الأمراء» انظر :
Dozy, Dictionnaire de؟taille؟des noms des ve؟tements chez les Arabes) Beyrouth, s. d (, pp. ٢٢٢.
(٢) وجاءت تسميتها بالفرنسية هكذا بورنوس (bournous) ، المعروف في العربية ب «البرنس» وعند المغاربة ب «السلهام».
(٣) ورد اسمها بالفرنسية هكذا بابوش (babouches).