يزعجهم أو يقلق بالهم. وهذا هو الوصف الذي قدمه بوميي نموذجا لبرنامج يومي بتاريخ ١٧ يناير ١٨٤٦ :
«أيقظني بعض المتقدمين بملتمسات على الساعة الثامنة ، أجبت بعدها على عدد من الرسائل الموجهة إلى سفير المغرب كان لا بد من الرد عليها بلباقة ... فوصل عدد قارب الاثني عشر من الخدم لإطلاعي على جدول الأعمال المخصص لذلك اليوم ، ثم أجريت الحسابات الخاصة بالأيام السالفة. وبعد ذلك ، قمت بزيارة السفير ومرافقيه لتفقد أحوالهم والاستجابة لطلباتهم : فمنهم من احتاج إلى طبيب ، وآخر إلى حلاق ، أو إلى حمام. ثم حضر الجميع لتناول وجبة خفيفة ، كنت خلالها ترجمانا لبعض الضيوف المدعوين. وبعد ذلك وصلت تعليمات بالتوجه مباشرة إلى شان دو مارس (Champs ـ de ـ Mars) وجاء روش في الوقت وعين لكل من السفير ومرافقيه عربات ركوبهم. وعبرنا باريز محفوفين بجماهير بدت على محياهم مظاهر الفضول وحب الاستطلاع. وعند الوصول إلى المدرسة العسكرية ، صعدنا إلى أعالي شرفة هناك. وفي الساعة الثالثة ، عدنا برفقة السفير ، فكتبت ما كان ضروريا من رسائل الشكر ... وبعد ذلك تفحصت من جديد برنامج الأنشطة المخصصة للمساء ، ووضعت ، في الحدود الممكنة ، قائمة بمصاريف ذلك اليوم ... تلا ذلك تناول عشاء فاخر ، استغرقت مدته ساعتين ، بثمن ستمائة فرنك عن كل يوم. فأخذت شيئا من القهوة ، وأجريت دردشة قصيرة بالعربية ، ثم ركبنا العربات في اتجاه المسرح الإيطالي ... وعندنا في الثانية عشرة ليلا ... ومن ثم إلى فراش النوم» (١).
وبعد ستة أسابيع من الأنشطة المكثفة بشكل مماثل لهذا البرنامج المرهق ، كتب بوميي متأوها : لقد اشتقت جدا إلى «العودة من جديد إلى هدوء طنجة وإلى غرفتي الصغيرة ، لأنني أشعر بانهيار كامل لقواي» (٢).
خصص السفير المغربي أيامه الأولى في باريز لتنفيذ المهمة الدبلوماسية التي بعثه السلطان من أجلها. ففي يوم ٣٠ دجنبر ، قدم أوراق اعتماده إلى الملك الفرنسي
__________________
(١) AAE / ADM / Voyage ,s.d ، خلال مقامه بباريز ، كان بوميي يكتب بطريقة منتظمة إلى دوشاستو في طنجة. وتوجد في الملف نفسه مسودات لتلك الرسائل إلى جانب مجموعة كتابات مختلفة جمعت أثناء الرحلة. وعن مشاهدات الصفار لأنشطة ذلك اليوم انظر الصفحات اللاحقة.
(٢) نفسها ، بوميي إلى دوشاستو ، ٨ فبراير ١٨٤٦.