خدمة مصالح فرنسا» (١). فتحولت بذلك توقعات ليون روش إلى حقيقة ، إذ حدثت بالفعل ثورة داخل البلاط السلطاني ، وتمكنت فرنسا من تدعيم موقفها إلى ذلك الحين. فكتب القنصل البريطاني دراموند هاي بلهجة لا تخلو من الحسرة أنه : «لا يمر يوم واحد دون أن أسجل التراجع الحاصل لنفوذنا والتزايد الواضح لنفوذ الفرنسيين» (٢).
ونظر المغاربة أيضا بعين الرضى إلى تلك السفارة ؛ فبعد عودة أشعاش ، قرر كيزو أن يرفع ضغوط بلاده عن السلطان ، ليترك أمامه حرية اختيار الطريقة التي يراها مناسبة لمعالجة قضية الأمير عبد القادر (٣). ونتيجة لحرمانه من المعونات المغربية ، لا يستبعد أن يكون المقاوم الجزائري قد قرر تسليم نفسه والذهاب إلى المنفى. غير أن
__________________
(١) ١٦٥ ـ ١٦٠ / ١٨AAE / CPM ، دوشاستو إلى كيزو [؟] ، ١٢ فبراير ١٨٤٧. وذكر العروي أن بعض الأسر شرعت في الحصول على مبالغ مالية كبيرة ، فأصبحت بذلك «أو فى حليف للمصالح الأوربية» ، انظر : History ,p.٢٢٣. وكانت أعمال الارتشاء من القبيل نفسه سارية المفعول في الإمبراطورية العثمانية منذ القرن الثامن عشر ، حيث أصبحت «شيئا مكملا لا يمكن العدول عنه عند إبرام كل الصفقات أو العمليات». انظر :
Thomas Naff," Ottoman Diplomatic Relations with Europe in the Eighteenth Century : Patterns and Trends", in Thomas Naff and Roger Owen, eds., Studies in Eighteenth Century Islamic History) Carbondale, ٧٧٩١ (, p. ٥٩.
(المعرب) : ولم يستثن محمد الصفار من ذلك ، إذ نجده يتسلم من جون دراموند هاي ، النائب البريطاني ، مبلغا ماليا قيمته مائتا جنيه استرليني مكافأة له على موقفه المساند للمقترحات البريطانية أثناء المفاوضات الخاصة بمعاهدة ١٨٥٦. انظر : ٧٢ / ٩٩.FO ، رسالة سرية من هاي إلى كلارندن ، طنجة ، ١٣ نونبر ١٨٥٦ في كتابنا : المغرب وبريطانيا العظمى في القرن التاسع عشر (١٨٥٦ ـ ١٨٨٦) ، منشورات كلية الآداب بالرباط ، الطبعة الثانية ١٩٩٧ ، ص. ١٢٢.
(٢) ٣١ / ٩٩FO ,Public Record Office ، هاي إلى بالمرستون ، ٤ نونبر ١٨٤٦. ورد ذكرها عند فلورنوي :
F. R. Flournoy, British Policy toward Morocco in the age of Palmerston) Baltimore, ٥٣٩١ (, p. ٦١١.
(٣) ٢٠٦ ـ ١٩٨Guizot ,France under Louis ـ Philippe ,pp .. وقد اهتم الناصري في الجزء التاسع من كتابه الاستقصا بتسجيل مظاهر التلاشي المستمر للعلاقات بين السلطان والأمير عبد القادر ، إذ اتهم هذا الأخير ب «استفساد القبائل» ، (ص. ٥٠) ، وبأنه «رام الاستبداد بل والتملك على المغرب» (ص. ٥٦). وتلقى المغاربة خبر القبض عليه في جو من الفرح والاغتباط (ص. ٥٨).