هشام سنة ١٨٢٢ (١).
هذه هي الأرضية التاريخية لمدينة تطوان ، مسقط رأس محمد الصفار. تلك المدينة التي يمكن أن يصادف فيها المرء ، جنبا إلى جنب ، مظاهر أسلوب العيش الرفيع الموروث عن الأندلس ، مع أساليب حياة الريف المعروفة بمظاهرها الشديدة القساوة ؛ وكذا سيادة الأذواق الحضرية الراقية إلى جانب روح المجاهدين النضالية ؛ كما تجد أيضا بين أحضان مساجدها علوم الدين السنية الأصلية وإلى جانبها الممارسات التعبدية التي أحدثتها الزوايا والطرق الصوفية. إن هذه المتناقضات هي التي شكلت مكونات المحيط الذي أبصر فيه محمد الصفار النور وترعرع فيه.
وقد بدأ محمد الصفار مرحلته التعليمية في تطوان ، فتعلم على يد شيوخ عصره ، وإن كانت أسماؤهم مجهولة لدينا (٢). واتجه بعد ذلك إلى فاس لقراءة العلوم بجامع القرويين صحبة رفيقه الحميم محمد عزيمان ، الذي أصبح فيما بعد قاضيا بتطوان (٣). ولم تكن هناك مدة محددة يتلقى خلالها المتعلمون دروسهم في القرويين. غير أن جل الطلبة ، لا يقضون فيها بوجه عام سوى أربع سنوات أو خمس. ومع ذلك ، فقد مكث محمد الصفار بفاس مدة استغرقت أزيد من ثماني سنوات ، انهمك خلالها في دراسة علوم الفقه والحديث والنحو والأصول ، على يد العالم
__________________
(١) عن هذه الفصول المتعلقة بتاريخ المدينة ، انظر : تطوان ، ٣ : ٢٠٦ ـ ٢٢٤ ، ٢٥٨ ـ ٢٦٥. أما عن الزاوية الدرقاوية فيمكن الرجوع إلى مادة «درقاوة» في : EI ٢ ,» Darkawa «وهناك سبب آخر لا متعاض التطوانين من المولى سليمان ، وهو تضييقه الخناق على التبادل التجاري مع الخارج ، مما كان له تأثير سلبي مباشر على السير العادي والمربح لأعمال التجارة بمرسى تطوان ، انظر :
J. Brignon et al., Histoire du Maroc) Paris, ٧٦٩١ (, p. ١٨٢.
(٢) تطوان ، ٧ : ٧٨. لم يترك لنا الصفار أية فهرسة تتضمن لائحة بأسماء شيوخه وعناوين الكتب التي قرأها بتوجيه ورعاية منهم.
(٣) المرجع نفسه. وشكلت التربية التقليدية في المغرب موضوع دراسة أنجزها إيكلمان تحت عنوان :
D. Eickelman," The Art of Memory : Islamic Education and its Social Reproduction", Comparative Studies in Society and History ٠٢, ٤) ٨٧٩١ (: ٥٩٤ ـ ٦١٥.
انظر قائمة المصادر والمراجع المستفيضة التي أثبتها إيكلمان في الكتاب أعلاه.