يبخسهم حقهم من المدح والثناء ، وعرض خدماتهم كلها الى حكومته.
وفي هذه الأيام تجاوزت العشيرتان الواحدة على الأخرى ، فأدت الى خلل في الإدارة والنظام ، واعتل جسم المملكة ، وكادت تزهق في البين نفوس كثيرة ، فلما علمت الحكومة بالخبر سارع الوزير لتسكين هذه الغائلة فجهز جيشا ، وتقدم فوصل طاووق (دقوقا) ، ومنها توجه بالعساكر ، وجعل القائد عليها (باش اغا) ، ليطفئ نيران الفتنة في بلباس ، ثم إن الوزير عقب أثره ، فوافى كركوك ، فلم يجد واليها ، وإنما رأى المتسلم فاستقبله أعيان البلد وخواصه. وهناك استطلع الوزير أحوال الببه (بابان) والبلباس ، وتحقق ماهية الحادث وسأل على المعتدي من الفريقين. فأبدوا أن البلباس لو تركوا وشأنهم لما استطاع أحد المعيشة معهم ، أو إذا لم تبذل همة لمنعهم وجبت الهجرة وبقي حبل الأمن مضطربا. وليس فيهم رجل رشيد يصح التفاهم معه.
أما أحوال الببه فهي معلومة ، وإن هؤلاء مظلومون. وفي هذه الأثناء جاء رجالهم وطلبوا من الوالي النجدة ، وأن ينقذهم من شرة أولئك.!
ومن ثم هاجم الوزير عشيرة بلباس ، ودمر جموعها ، ونكل بها شر تنكيل ، فتركوا أموالهم وما يملكون وفروا هاربين وإن الببه نالوا توجها من الوزير فلم يصبهم ضرر. ولما وصل الوزير ألبجه (حلبجه) جاءته البشائر بانتصار الجيش. ووافاه رئيسهم بمائة وخمسين رأسا من القتلى ، أعني (مير بكر) (١) الشاب البطل ومعه عشائر شهرزور ... فعرف كل حده ، وأسكن كلا في مكانه ونظم الأمور هناك وأكرم المير المذكور ، وخلع عليه بالخلع الفاخرة ، وأنعم إنعاما كبيرا ، وجعل سائر الأكراد والمطيعين من البلباس في وفاق ووئام ...
وبعد ذلك كله عاد الوزير إلى بغداد قرير العين ، فرحا بالنصر.» اه (٢)
__________________
(١) من أمراء ببه.
(٢) قويم الفرج بعد الشدة. وهو مخطوط في حوادث الوزير حسن باشا ومناقبه. عندي ـ