وتوضح أن التسمية بصهران قديمة أقدم مما ذكر ، وإن البقعة الخاصة لم تكن تطلق على ما بين الزابين. وقد بين صاحب الشرفنامة تحليل لفظها وقال :
إن أحد أبناء العرب في بغداد وهو كلوس كان قد سكن قرية هوديان من نواحي أوان من أعمال سهران. وكان مصطلح اولئك القوم أن من سقطت أسنانه الأمامية (ثناياه ورباعياته أو احداهما) يقال له (كلوس) وقد استخدم راعيا. وكان من أولاده (عيسى) قد تبعه جماعة من الأوباش لما رأوا فيه من سخاء ، وميل الى الإمارة ، وبسبب عدائه لأمير تلك الأنحاء ، قد اتفقوا على أن يكون أميرهم فاجتمع حوله كثيرون ، فتوجه نحو (بالكان) ، فقبلوا امارته. وكانت في أنحائها الصخور حمراء وصاروا يلقبونهم ب (سنك سرخي). ومن كثرة الاستعمال بلهجة الأكراد ان سرخ يقال له (سهر) ، واشتهروا ب (السهرانيين) ، داخل هذا اللفظ التحوير على مرور الأيام فقيل (سوران) ، أو (صوران) ، و (سهران) أو (صهران) ...
ومن هناك تولدت الامارة وعلا سعدها. ولا شك ان صاحب الشرفنامة يقصد الإمارة التالية لسابقتها ، وتوالى منها أمراء منهم شاه علي بك ، وبعده ببربوداق ابنه ، ثم سيف الدين قد قام مقام والده ، ثم وليها أخوة «مير حسين». وهذا توسع حكمه. وكان قد خلفه عز الدين شير ، فتصرف بإربل ، وكان أميرها أيام السلطان سليمان القانوني ، فأمر بقتله لما رأى أن قد بدر منه بعض الأوضاع التي لم يرتضها وأنعم السلطان بإربل على حسين بك الداسني أمير اليزيدية.
ومن ذلك التاريخ أي من سنة ٩٤١ ه اختلت أمور الصهرانيين إلا أنهم لم يخلوا من جدال ومن استعادة لملكهم أو بعض أجزائه ، وقد أوضح صاحب الشرفنامة أحوالهم الى سنة ١٠٠٥ ه ، وعين ما حصل من مقارعات بينهم وبين اليزيدية ، وعد من آخر أمرائهم في أيامه علي بك ابن سليمان بك (١). وهكذا لم ينقطع حكمهم إلا أنه كان في نطاق ضيق لا
__________________
(١) الشرفنامة ص ٣٥٢ وما بعدها.