ومن الأكراد من يذهب الى أنهم من ربيعة بن نزار بن بكر بن وائل ، وقعوا في قديم الزمان لحرب كانت بينهم الى أرض الأعاجم ، وتفرقوا فيهم ، وحالت لغتهم وصاروا شعوبا وقبائل. فكان سبب تبدل لسانهم وهكذا الأقوال من نوعها. وبعد الإسلام اختلط بهم العرب ، ولا نزال نسمع من رؤسائهم خاصة أنهم يمتون الى نجار عربي. وكل ما أقوله هنا ان المسعودي وأمثاله كتبوا عنهم ، وسجلوا ما سمعوه منهم ، ولم تكن آنئذ فكرة قوميات وإنما يعتبرون الأخوة بين الأقوام معتبرة ، وإن التعادي أوجده العصر الحاضر أو العصور المتأخرة فقام الناس بالدعوة المتطرفة وبما بثوه من نزعات. وعلى كل حال لم يقنع المسعودي بأقوالهم .. ولكن هذا لا يمنع أن يكون قد اختلط بالكرد عرب ، وتولوا رياستهم قبل الإسلام كما حدث بعده. ولذا قال ابن الشحنة : «الكرد من العرب ثم تنبطوا»
٥ ـ إن الكرد قوم قائم بنفسه لا ينتسب الى الأقوام الموجودة ، وهو منفرد عن سائر الأمم وقرباها. قال أوليا جلبي ، وعدهم ممن دخل السفينة من المؤمنين وخرج منها مع نوح عليه السّلام وأولاده ، عاشوا منفردين عن غيرهم ، وإن لغتهم لا تشبه الأقوام المعروفة ، وحكمهم ملك يقال له (كردم) وعمر عمارات مهمة في جودي وسنجار ، ومن ثم عرفوا به (١).
ومثله ما جاء في مسالك الأبصار قال :
«الأكراد جنس خاص ، وهم ما قارب العراق وديار العرب دون من توغل في بلاد العجم. ومنهم طوائف بالشام واليمن ، ومنهم فرق متفرقة في الأقطار. وحول العراق وديار العرب جمهرتهم فمنهم طوائف بجبال همذان وشهرزور وغيرها.» ا ه (٢).
__________________
(١) اوليا جلبي في سياحته ج ٤ ص ٧٥ وفيها تفصيل عن الكرد وموطنهم وتعداد عشائرهم وانها ستة آلاف عشيرة وقبيلة ، قال وكلهم شافعية.
(٢) مسالك الابصار ج ١٠ في مكتبة ايا صوفيا رقم ٣٤٢٣.