وكل ما أقوله أن القبيلة بسعادة وهناء من رؤسائها وفي وئام معهم في أغلب أحوالهم ، ذلك ما دعا أن لا يردوا لهم قولا ، ولا يعدلوا عن أمر. ويعجبني أن رضا بك من أمراء الجاف قد أكد لي أن أكثر أوصاف العرب التي عرفها في التاريخ موجودة فيهم وهي تلك السجايا المرضية المرغوب فيها من كل قوم وأمة على وجه البسيطة ، وتحلى بها العرب ، وتحلت بها هذه القبيلة ، بل قبائل أخرى أيضا.
وكل ما عرفناه من سجايا هذه القبيلة وخصالها الحميدة دعانا الى بيانه ، وهكذا قل عن خصال الأمراء ، وعلو أخلاقهم ، وحسن سلوكهم .. فهم أهل لأن يكونوا أمراء هذه القبيلة ، وهم أحق بها وأهلها. واللسان ليعجز من إيراد كل ما يستحقونه من الثناء عليهم في صفوتهم ، وصفاء سريرتهم ، وحسن عقيدتهم ، وادائهم للفرائض الدينية مما لا نعهده في الأمراء الذين أفسدتهم بهارج المدنية ..
ولا يستغرب المرء مما أقول ، ويرى أن هؤلاء ملائكة ، ولكنني أؤكد أنني لم أكتب إلا ما شاهدت أو رأيت ، أو علمت ، ولم أغال في مدح ، وهم فوق ما وصفت ، وإنما كتبت مما اقتضاه واجب الذمة ، ورأيته لازم الصدق فدونت ما علمت.
وإني في هذه الحالة أعد نفسي قد تجاوزت الوصف ، ولا ألبث أن أحاسب نفسي مرة أخرى ، فلم أر ما يستحق أن يطوى ، أو يجب أن يخفف منه ، أو يحور وإنما أنا معتقد بصحة كل ما قلته ، ولا يهمني من في قلبه زيغ ، أو يتصور أن الأخلاق الفاضلة مفقودة ، أو أن السلوك المرضي غير مشهود .. فيستاء من كل شيء ، ولا يرضى عن أحد ، بل أن الدين متأصل في أكثر الأكراد ، راسخ فيهم ، وطاعتهم للعلماء عظيمة.
وما ذكرت إلا ما اعتقدت ، وليكتب من شاء ما شاء من ملاحظة عيوب ، أو التوسل ببيان الصفحة التي قد يراها في فرد أو أفراد لا يمثلون المجموع فلا نرى قيمة لأمثال هذه التي وجدت من حين وجد البشر