وهذه الشعوب لم تلاحظ منفردة ، ولا بحث فيها العلماء بصورة منتظمة ومضطردة. والنتف القليلة ، أو بعض الأوصاف لا تغني الباحث ، ولا تروي غلته .. خصوصا بينها ما يعد نبزا.
والحالة العشائرية تبصر أكثر في الأسس الاجتماعية من جراء أنها تعد ابتدائية وبسيطة ، فلا تدع مجالا للتشعب والانتشار ، فهي أولى في البيان وأحق بالرعاية ، ومنها يتعين أصل المباحث ، ومهماتها .. لتكون الحالة أقرب الى بدء التكوين ، ثم ما يتلوه يعين الأوضاع بصورة أكمل وهكذا حتى منتهى الثقافة.
والعراق في الحقيقة يستمد نفوسه من ناحيتين مهمتين إحداهما العرب ، والأخرى الكرد ، فمنهما يستقى غالب نفوسه ، وبهما قوام حضارته ، فيسد الخلل الناجم في النفوس من الأمراض والأوبئة أو الحوادث الأخرى فالجبل منبع كبير ، وكذا جزيرة العرب ، فكانا عماد المجتمع وركنه الركين. فلا نستطيع أن نغفل أمر واحد منهما ، والاكتفاء بالآخر ، فكل تناقص أو خلل يعوض بما هنالك ، ويزيد في النشاط ويجدد الحياة والدم. وتاريخ الكرد ، وعشائرهم في العراق قديم كقدم العرب فيه ، فهما صنوان متكاتفان ، الواحد متمم للآخر ، أو عونه ومدار عزه ونصرته.
والعشائر الكردية موضوع بحثنا لها مزايا وأوصاف جليلة ، تستحق كل إطراء ، ولا تخلو أمة من معايب ، في نظر غيرها وهذه لا تكون مدار الاقتداء ولا وسيلة المتابعة ، وإنما يجب أن نحرص على المزايا الفاضلة عند الكل ، واقتباس ما يصلح ، وما يليق أن يكون قدوة .. والعرب والأقوام الآخرون بحثوا في سجايا الأقوام ، ودونوا عنها ، ولم يتركوا حتى الحيوان للانتفاع بخصاله وما الأمثال المضروبة ، والحكايات المنقولة الا تدابير للاستسقاء من معينها وجعلها واسطة للانتباه.
وهذه الأمة مجاورة للعرب ، ومساكنة للعراق وهي من أعظم الشعوب العراقية فالإنصاف يدعونا أن لا نهمل أمرها ، ولا نتركها ظهريا بلا علم