والأولى حمل الفقرة على الظاهر والباطن معاً فقد ورد عن جوده وكرمه وإعانته للفقراء ، ورعايته للضعفاء ومواساته مع المساكين سرّاً وعلانيةً ما هو أبين من الشمس ، وأشهر من أنْ يُذكر ، فقد حكىٰ في مناقب الجوزي : أنّه قال عمر بن سعد : من يُوطئ الخيل صدره ؟ فأوطئوا الخيل صدره وظهره ، ووجدوا في ظهره آثاراً سوداً ، فسألوا عنها فقيل : كان ينقل الطعام على ظهره في الليل إلى مساكين (١) أهل المدينة (٢) .
______________________________________________________
يا سلمان : بنا شرّف كلّ مبعوث ، فلا تدعونا أرباباً ، وقولوا فينا ماشئتم ، ففينا هلك مَن هلك ، وبنا نجىٰ مَن نجىٰ .
يا سلمان ، مَن آمن بما قلتُ وشرحتُ فهو مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان ورضي عنه ومَن شكّ وارتاب فهو ناصب ، وإن ادّعى ولايتي فهو كاذب .
يا سلمان : أنا والهداة من أهل بيتي سرّ الله المكنون ، وأولياؤه المقرّبون ، كلنّا واحد ، وأمرنا واحد وسرّنا واحد ، فلا تفرّقوا فينا فتهلكوا ، فإنّا نظهر في كلّ زمان بما شاء الرحمن ، فالويل كلّ الويل كلّ الويل لمن أنكرنا .
قلت : ولا ينكره إلّا أهل الغباوة ، ومن خُتِم على قلبه وسمعه وجعل على بصره غشاوة ، يا سلمان ، أنا أبو كلّ مؤمن ومؤمنة .
يا سلمان ، أنا الطامّة الكبرى ، أنا الأزفة إذا أزفت ، أنا الحاقّة ، أنا القارعة ، أنا الغاشية ، أنا الصاخة ، أنا المحنة النازلة ، ونحن الآيات والدلالات والحجب ووجه الله ، أنا كُتب اسمي على العرش فاستقرّ ، وعلى السماوات فقامت ، وعلى الأرض فرست ، وعلى الريح فدرأت ، وعلى البرق فلمع ، وعلى الوادي فهمع ، وعلى النور فسطع ، وعلى السحاب فدمع ، وعلى الرعد فخشع ، وعلى الليل فدجىٰ وأظلم ، وعلى النهار فأنار وتبسّم) .
١ ـ في المصدر (مساكن) بدل (مساكين) .
٢ ـ تذكرة الخواص للعلّامة السبط ابن الجوزي (ت ٦٥٤ هـ) ، ط قم ، الشريف الرضي .