نطق به من بعده» (١) . وفسّر في الأخبار (البئر المعطّلة والقصر المشيد) في قوله : (وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ) (٢) بالإمام الصامت والناطق (٣) .
قال الشاعر :
بئرٌ معطّلة وقصرٌ مشرف |
|
مثل لآل محمّد مستطرف (٤) |
ويُحتمل أن يُراد بظاهرهم شاهدهم وبباطنهم غائبهم فيكون العطف للتفسير والتأكيد فيجري فيهما ما تقدّم فيهما ، وكيف كان فلا ريب في أنّ لهم عليهمالسلام وراء عالم شهادتهم وحسّهم عالماً آخر وهو غُيّب عن أبصارنا يندرج تحته عوالم كثيرة لا يحصيها غيرهم ، فالمؤمن المخلص مذعن بذلك كلّه ومعتقد بأنّهم الأسرار الإلهية المودوعة في الهياكل البشرية ، والأنوار اللاهوتية الزاهرة في المظاهر الناسوتية ، وهم نور لا يوصف ، وبحرٌ لا يُنزف فحضورهم وغيبتهم إنّما هو بالنسبة إلينا ، وأمّا بالنسبة إلى نفس الأمر فهم شهداء حاضرون دائماً لإحاطة علمهم بجميع العوالم الإمكانية ، لا يغيب عنهم منها شيء لا في الأرض ولا في السماء ، فلو رفع الحجب عنّا لرأيناهم على ما هم عليه ، ولذا
________________________
١ ـ بحار الأنوار ج ٢٦ ص ٩٥ .
٢ ـ الحج : ٤٥ .
٣ ـ أخرجه الصفّار في البصائر ج ١٠ ص ٥٠٥ باب ١٨ ح ٤ ، والكليني في الكافي ج ١ ص ٤٢٧ ، والصدوق في المعاني ص ١١١ ط بيروت ، والاسترآبادي في تأويل الآيات ص ٣٣٩ (عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليهالسلام في قوله عزّوجلّ : (وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ) قال : البئر المعطّلة الإمام الصامت ، والقصر المشيد الإمام الناطق) .
٤ ـ معاني الأخبار للصدوق ص ١١٢ ، ط بيروت ، وذكر بيتاً آخر :
فالناطق القصرُ المشيدُ منهم |
|
والصامت البئر التي لا تنزف |
وهذان البيتان لمحمد بن الحسن بن أبي خالد الأشعري الملقّب بشُنْبُوْلة .