بتبع الكلام ، وكذا إبراهيم وسائر الأنبياء فكلّهم في النبوّة لقبول الوحي ، واستعداد النفوس لقبول ضوء الوحي في مرتبة واحدة ، أمّا في الرسالة واختلاف الشريعة فكانوا بحسب الأوقات ، لأنّ النبوّة فوق الزمان والمكان ، فما اختلفت في موضع ولا وقت ، أمّا الرسالة فوقعت تحت الفلك لمصالح الناس ، ولا شكّ أنّ الطباع والأمزجة واللغات مختلفة ، وهي متعلِّقة باختلاف الأوقات والأزمان والأمكنة والقرون والمواضع والأقاليم ، فاختلفت الرسالة بحسب اختلافتها ، وإنّما اختلفت الرسالة لتختلف الشريعة وتختلف الكتب باختلاف اللغات والاصطلاحات الجارية بين الناس وكان لنوح عليهالسلام في رسالته مرتبة ودرجة ودعوة ولغة بخلاف ما كانت لإبراهيم وإن كانا في النبوّة سواء وكان نوح في عصره على مزاج وطباع مع قوم لم يجد منهم رشداً ولم يعلم فيهم خيراً فرأى هلاكهم خيراً من حياتهم فدعا الله وقال عليهالسلام : (لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا) (١) .
وكان إبراهيم في عهدٍ غلب اللطافة على طباع قومه وظهرت الإلفة في مزاج أهل عصره فأمره بالتلطّف والترأف ، وقال : يا إبراهيم حسّن خلقك ولو مع الكفّار ، وهكذا كان عهد موسى فإنّ الله أمره بالتلطّف في الكلام وتخفيف الدعوة مع فرعون ، وقال له ولأخيه : (اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ) (٢) .
وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله الضحوك القتال كان يضحك مع قوم ، ويقتل لقومٍ كما رأى في مصالح رسالته ، وأراه الله في كمال نبوّته ، وكان لله أنبياء كثيرون
________________________
١ ـ نوح : ٢٦ .
٢ ـ طه : ٤٣ ـ ٤٤ .