جميع النبوّات من باب إطلاق المتواطئ على أفراده (١) ، وفيه نظر إذ النبوّة هي طريقٌ بين النبيّ وبين الله ، ولا ريب أنّ الطرق إليه كثيرة متفاوتة ، فكيف يقال : بأنّ الطريق واحدة ؟ وقد روي أنّ الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق (٢) .
أم كيف يجترئ المنصف على أن يقول : إنّ موسىٰ مثلاً مع محمّد صلىاللهعليهوآله في درجة واحدة في مقام النبوّة مع أنّه قال : (لو أنّ موسى أدركني حيّاً ولم يؤمن بي لما نفعته نبوّته شيئاً) (٣) أو يقول : إنّه صلىاللهعليهوآله مع آدم عليهالسلام في درجة واحدة مع قول وصيّه عليهالسلام : (إنّي وإنْ كنت ابن آدم صورة ولي فيه معنىٰ شاهد بأبوتي كيف ولم ينل الأنبياء ما نالوا من المراتب إلّا بالإذعان لمحمّد وآله) (٤) ، قال [صلىاللهعليهوآله] : والكليم أُلبس حلّة الاصطفاء لما عاهدنا منه الوفاء (٥) .
والأخبار الواردة من طرقنا الشاهدة على هذا المقصد متواترة معنى كما لا يخفى ، فالحقّ أنّ هذا الإطلاق من باب الإطلاق المشكك (٦) المتفاوت بالأولوية
________________________
١ ـ المتواطئ : هو الذي تتوافق أفراده بالتساوي ، فإنّك لا تجد تفاوتاً بين الأفراد في صدق المفهوم ، مثلاً (محمّد ، وعلي ، وحسين) إلى آخر أفراد الإنسان من ناحية الإنسانية سواء من دون أن تكون إنسانية أحدهم أولى من إنسانية الآخر ، ولا أشدّ ولا أكثر ، ولا أي تفاوت آخر في هذه الناحية . (راجع المنطق للشيخ المظفر ج ١ ، ص ٧٠ ، ط ؛ قم) .
٢ ـ بحار الأنوار ، ج ٦٤ ص ١٣٧ .
٣ ـ بحار الأنوار ، ج ١٦ ص ٢٦٦ .
٤ ـ لم نعثر عليه في المصادر التي اعتمدناها .
٥ ـ بحار الأنوار ، ج ٢٦ ص ٢٦٥ .
٦ ـ المشكك هو عكس المتواطئ .