وقد أحسن مَن قال : كان صلىاللهعليهوآله أطيب الناس ريحاً ، وأحسنهم خُلقاً ، وأملحهم خَلقاً ، وأعذبهم قولاً ، وألطفهم كلاماً ، وأصدقهم فعلاً ، وأعدلهم مزاجاً ، وأحدّهم حسّاً ، وأدقّهم نظراً ، وأعلاهم درجةً ، وأكملهم عقلاً ، وأقواهم نفساً وأقربهم إلى الله ، وأجذبهم نوراً ، وأكثرهم صبوراً ، وكان آدم عليهالسلام ظلّ ذاته ، ونوح حامل راياته ، وإبراهيم حاكي صفاته ، وموسى نائب آياته ، وعيسىٰ مبشِّر شرعه ، وإدريس منجم دينه ، وزكريا مؤذِّن مسجده ، ويونس ساقي قومه .
قال صلىاللهعليهوآله : (أنا أملح ويوسف أحسن ، حمل النبوّة في الأزل ، وقبل الرسالة عند الأول) .
قمرٌ منيرٌ دائم الإشراقِ |
|
قامتْ عليه قيامةُ العشّاقِ |
بدرٌ تمنّىٰ الناظرون لوائه |
|
ما بينهم يمشي على الأحداقِ |
وبالجملة هذا المقام فوق الإدراك وكفاك شاهداً حديث : (لولاك لما خلقت الأفلاك) (١) وبيان حقيقة المحبّة وعلاماتها ، وسائر ما يتعلّق بها لا يسعه هذا المختصر ، ومَن أراد الإطّلاع على ذلك كلّه فليطالع كتاب إحياء العلوم للغزالي (٢)
________________________
١ ـ راجع عوالم العلوم ص ٢٦ عن مجمع النورين وملتقى البحرين ص ١٤ ، وفاطمة الزهراء بهجة قلب المصطفى ص ٩ ، وهذا نصّ الحديث القدسي : عن جابر بن عبدالله الأنصاري ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآله عن الله تبارك وتعالى أنّه قال : (يا أحمد لولاك لما خلقتُ الأفلاك ، ولولا علي لما خلقتُكَ ، ولولا فاطمة لما خلقتكما) .
٢ ـ هو أبو حامد محمّد بن محمّد الغزالي ، ولد في طوس عام ٤٥٠ هـ ، وتوفي سنة ٥٠٥ هـ ، وله مؤلّفات عديدة ولكن أشهرها وأهمّها كتاب (إحياء العلوم) ، وهذا الكتاب ـ على ما قاله المصنّف في المقدّمة ـ مرتّب على أربعة أرباع وهي : ربع العبادات ، وربع العادات ، وربع المهلكات ، وربع المنجيات . وللاطّلاع راجع الجزء الثالث ، ص ٦٩ ط ، دار الجيل ، بيروت .