العامّة يعني أنّه (عج) خلق هذا الولي له خاصّة وخلق له جميع خلقه فلمّا خلقه أشهده خلق نفسه وأنهىٰ إليه علمها فتأمّل .
وكيف كان فالولاية إن كانت بمعنى القرب إلى الحقّ فالولي هو العبد الذي قرّبه الله إلى بساط ديمومته ، فعرّفه حقائق القدس ودقائق الانس ، وولّاه التدبير في أُمور الملك والملكوت ، وأوقفه على مقامات الجبروت والناسوت فيتصرّف في العوالم الإمكانية بما أراه ويدبّر الاُمور بإذنه معرضاً عمّن سواه ، فالولاية بمنزلة النبوّة لما عرفت من أنّها طريق بين الله وبين نبيّه ، فإنّ الولاية أيضاً طريق بينه وبين وليّه وهي خاصّة ومطلقة ، فالأولى ماكان محمّد وآله صلىاللهعليهوآله لأنّ قربهم إلى الحقّ قرب خاصّ ، لا يشاركهم فيه أحداً من الخلق كما قال في الزيارة الجامعة : (أتاكم ما لم يؤت أحداً من العالمين) (١) ، وقال أيضاً : (فبلغ الله بكم أشرف محلّ المكرمين وأعلى منازل المقرّبين وأرفع درجات المرسلين حيث لا يلحقه لاحق ولا يفوته فائق ولا يسبقه سابق ولا يطمع في إدراكه طامع) (٢) .
والثانية ما كانت في سائر الأنبياء والأولياء على تفاوت مراتبهم في هذا المقام ، فالولاية الخاصّة بهذا المعنى أفضل من الولاية المطلقة ، بل النبوّة المطلقة المشتركة بين سائر الأنبياء ، وما قيل : من أنّ نهاية الأولياء بداية الأنبياء فهو في الولاية المطلقة والنبوّة المطلقة ، إذ لا يكون العبد نبيّاً حتى يكون وليّاً ،
________________________
١ ـ قال السيّد عبدالله شبّر رحمهالله في الأنوار اللامعة في شرح الزيارة الجامعة ص ١٧٦ ط : الأمين ، قم : (أتاكم الله) من العلوم الربّانية والمعارف الحقّانية والأسرار الإلهية والفضائل النفسانية والأخلاق الملكوتية .
٢ ـ لبيان هذه الفقرة راجع الأنوار اللامعة ص ١٤٨ .