في وجود علّته (١). وهو مترتّب عليه ، متأخّر عنه ، قائم به (٢).
وقد ظهر بما تقدّم بطلان القول بالأولويّة على أقسامها. توضيحه : أنّ قوما من المتكلّمين (٣) ـ زعما منهم أنّ القول باتّصاف الممكن بالوجوب في ترجّح أحد جانبي الوجود والعدم له ، يستلزم كون الواجب في مبدئيّته للإيجاد فاعلا وموجبا (بفتح الجيم) تعالى عن ذلك وتقدّس ـ ذهبوا إلى أنّ ترجّح أحد الجانبين له بخروج الماهيّة من حدّ الاستواء إلى أحد الجانبين بكون الوجود أولى له أو العدم أولى له ، من دون أن يبلغ أحد الجانبين (٤) ، فيخرج به من حدّ الإمكان ، فقد ترجّح الموجود من الماهيّات بكون الوجود أولى له من غير وجوب ، والمعدوم منها بكون العدم أولى له من غير وجوب.
وقد قسّموا الأولويّة إلى : ذاتيّة تقتضيها الماهيّة بذاتها أو لا تنفكّ عنها ، وغير ذاتيّة تفيدها العلّة الخارجة. وكلّ من القسمين إمّا كافية في وقوع المعلول ، وإمّا غير كافية (٥).
__________________
(١) والأولى أن يقال : «في علّته» ، أي يمتنع أن يؤثّر وجوب المعلول ـ وهو مترتّب على العلّة ، ومتأخّر عنها ، وقائم بها ـ في علّة المعلول وجعلها موجبة.
(٢) الضمير في قوله : «عليه» و «عنه» و «به» ، راجع إلى وجود علّته ، فالتذكير باعتبار الوجود.
(٣) وهم المعتزلة. قال المحقّق الطوسيّ في شرح الإشارات ٣ : ١٣١ : «وهؤلاء يقولون بتخصّصه على سبيل الأولويّة ، لا الوجوب».
(٤) أي : من دون أن يبلغ وجوب أحد الجانبين.
(٥) راجع شرح المنظومة للحكيم السبزواريّ : ٧٠ ، حيث قال :
لا يوجد الشيء بأولويّة |
|
غيريّة تكون أو ذاتيّة |
كافية أو لا على الصواب |
|
لا بدّ في الترجيح من إيجاب |
وراجع تعليقاته على الأسفار ١ : ٢٠٠ الرقم ١.
وأقول : أمّا الأولويّة الذاتيّة الكافية فلا قائل بها ، لأنّها توجب انسداد باب إثبات الصانع ، هكذا قال الحكيم السبزواريّ في تعليقته على شرح المنظومة : ٧٥. وقال صدر المتألّهين في الأسفار ١ : ٢٠٠ ـ ٢٠١ : «فأمّا تجويز كون نفس الشيء مكوّن نفسه ومقرّر ذاته مع بطلانه الذاتيّ فلا يتصوّر من البشر تجشّم في ذلك ما لم يكن مريض النفس».
والوجه في ذلك أنّه يلزم أن لا تكون الأولويّة أولويّة بل تكون وجوبا ويلزم الانقلاب. ـ