اندراجه ودخوله تحتها ، ومن المعلوم أنّ الصورة الجسميّة هي فصل الجسم مأخوذا بشرط لا ، ففي كونها نوعا من الجوهر دخول الفصل الجوهريّ تحت جنس الجوهر وأخذ الجوهر في حدّه. ونظير البيان جار في عدّهم النفس نوعا من الجوهر ، على أنّهم بيّنوا بالبرهان أنّ النفس الإنسانيّة جوهر مجرّد باق بعد مفارقة البدن ، والنفس الناطقة صورة الإنسان ، وهي بعينها مأخوذة لا بشرط فصل للماهيّة الإنسانيّة.
قلت (١) : يختلف حكم المفاهيم باختلاف الاعتبار العقليّ الّذي يطرؤها ، وقد
__________________
(١) حاصل الجواب : أنّه وإن كان مفهوم الفصل متّحدا بوجه مع مفهوم الصورة فإنّ مفهومه مفهوم الصورة لا بشرط ، كما أنّ مفهومها مفهوم الفصل بشرط لا ، إلّا أنّ المفاهيم تختلف أحكامها باختلاف الاعتبارات.
أمّا مفهوم الفصل بما هو فصل فهو مفهوم ناعتيّ موجود لغيره ، فإنّ مفهومه كمفهوم الأسود الّذي يطرد عدمه بوجود السواد ، وليس وجوده إلّا كمال الجسم ، فهو موجود للجسم ؛ فالفصل أيضا ـ بما هو فصل ـ ناعت وموجود للجنس ، ليس وجوده إلّا كمال الجنس.
وقد عرفت في الفصل الأوّل من المرحلة الثانية أن لا ماهيّة للموجود الناعتيّ ، فلا ماهيّة للفصل حتّى يكون جوهرا ويؤخذ الجوهر في حدّه.
وإنّما يحمل عليه الجوهر بالحمل الشائع حمل العرضيّ العامّ اللازم على معروضه الملزوم ، فيقال : «الناطق جوهر» ومعناه : أنّ مصداقهما واحد ، كما يقال : «الأسود جسم» ومعناه : أنّ مصداقهما واحد.
وأمّا الفصل بشرط لا ـ وهو الصورة ـ فلا يحمل على المادّة ـ وهي الجنس بشرط لا ـ حملا أوّليّا ، حيث كان بهذا الاعتبار جزءا ، والجزء لا يحمل على الكلّ ولا على الجزء الآخر بالحمل الأوّليّ.
نعم ، باعتبار كونها متّحدة مع المادّة وجودا يصحّ حمل الجوهر ـ المنتزع عن المادّة ـ عليه حملا شائعا. وكذلك باعتبار كونها تمام ماهيّة النوع ـ حيث كانت شيئيّة الشيء بصورته ـ يحمل عليها الجوهر بما أنّه من المفاهيم الذاتيّة للنوع ، فكانت جوهرا ولكن بالحمل الشائع.
وأمّا النفس باعتبار أنّها فصل فوجودها وجود ناعتيّ ، ولا ماهيّة لها ، فلا تكون جوهرا.
وأمّا باعتبار ذاتها المجرّدة لمّا كانت تمام ماهيّة النوع فيحمل عليها الجوهر بما أنّها من المفاهيم الذاتيّة للنوع ، ولكن بالحمل الشائع.