تقدّم في بحث الوجود لنفسه ولغيره (١) أنّ الوجود في نفسه هو الّذي ينتزع عنه ماهيّة الشيء. وأمّا اعتبار وجوده لشيء فلا ينتزع عنه ماهيّة ، وإن كان وجوده لغيره عين وجوده في نفسه. والفصل مفهوم مضاف إلى الجنس ، حيثيّته أنّه مميّز ذاتيّ للنوع ، وجوده للجنس ، فلا ماهيّة له من حيث إنّه فصل. وهذا معنى قولهم : «إنّ لازم كون الجنس عرضا عامّا للفصل والفصل خاصّة له أن ليست فصول الجواهر جواهر ، بمعنى كونها مندرجة تحت معنى الجواهر اندراج الأنواع تحت جنسها ، بل كاندراج الملزومات تحت لازمها الّذي لا يدخل في ماهيّتها» (٢).
وأمّا الصورة من حيث إنّها صورة مقوّمة للمادّة فحيث كانت بشرط لا بالنسبة إلى المادّة لم يكن بينهما حمل أوّليّ ، فلا اندراج لها تحت الجنس ، وإلّا كانت نوعا (٣) بينه وبين الجنس عينيّة وحمل أوّليّ ، هذا خلف ، وإن كان بينها وبين المادّة حمل شائع بناء على التركيب الاتّحاديّ بين المادّة والصورة (٤).
نعم ، لمّا كانت الصورة تمام ماهيّة النوع ـ كما عرّفوها بأنّها ما به الشيء هو هو بالفعل ـ كانت فصول الجواهر جواهر (٥) ، لأنّها عين حقيقة النوع وفعليّته ، لكن لا يستوجب ذلك دخولها تحت جنس الجوهر بحيث يكون الجوهر مأخوذا في حدّها بينه وبينها حمل أوّليّ.
فتبيّن بما تقدّم أنّ الفصول بما أنّها فصول بسائط غير مركّبة من الجنس والفصل ، ممحّضة في أنّها مميّزات ذاتيّة ، وكذلك الصور المادّيّة الّتي هي في ذاتها
__________________
(١) راجع الفصل الثالث من المرحلة الثانية.
(٢) راجع الأسفار ٢ : ٣٩ ـ ٤٠.
(٣) أي : قسما من الجنس.
(٤) والقول بكون التركيب اتّحاديّا قول السيّد السند (صدر الدين الشيرازيّ) وصدر المتألّهين. قال الحكيم السبزواريّ في شرح المنظومة : ١٠٥ : «إنّ بقول السيّد السناد ، أي القويّ ، وهو صدر الدين الشيرازيّ المشهور بالسيّد السند ، وقد تبعه في ذلك صدر المتألّهين ، تركيب أجزاء عينيّة اتّحاديّ». ثمّ قال : «لكنّ قول الحكما العظام من قبله التركيب الانضماميّ». راجع الأسفار ٥ : ٢٨٢.
(٥) بالحمل الشائع.