أنّ الوجود موجود بذاته والماهيّة موجودة بها.
وبذلك يندفع ما اورد (١) على أصالة الوجود من أنّ الوجود لو كان حاصلا في الأعيان كان موجودا ، لأنّ الحصول هو الوجود ، فللوجود وجود ، وننقل الكلام إليه وهلمّ جرّا ، فيتسلسل.
وجه الاندفاع (٢) : أنّ الوجود موجود لكن بذاته ، لا بوجود زائد ـ أي أنّ الوجود عين الموجوديّة ـ ، بخلاف الماهيّة الّتي حيثيّة ذاتها غير حيثيّة وجودها.
وأمّا دعوى : «أنّ الموجود في عرف اللغة إنّما يطلق على ما له ذات معروضة للوجود ولازمه أنّ الوجود غير موجود» فهي على تقدير صحّتها أمر راجع إلى الوضع اللغويّ أو غلبة الاستعمال ، والحقائق لا تتّبع استعمال الألفاظ ، وللوجود ـ كما تقدّم (٣) ـ حقيقة عينيّة نفسها ثابتة لنفسها.
قال بهمنيار في التحصيل : «وبالجملة : فالوجود حقيقته أنّه في الأعيان لا غير ، وكيف لا يكون في الأعيان ما هذه حقيقته؟» انتهى (٤).
ويندفع أيضا ما اشكل عليه (٥) بأنّ كون الوجود موجودا بذاته يستتبع كون
__________________
(١) أورده الشيخ الإشراقيّ في حكمة الإشراق ، فراجع كلام الماتن في شرح حكمة الإشراق :
١٨٣ ـ ١٨٤ ، وكذا أورده في التلويحات : ٢٢ ـ ٢٣. وتعرّض له صدر المتألّهين في الأسفار ١ : ٣٩ ـ ٤٠ ، والحكيم السبزواريّ في شرح المنظومة : ١١.
(٢) هذا ما أجاب به صدر المتألّهين في تعليقته على شرح حكمة الإشراق : ١٨٤ ـ ١٨٥ ، والأسفار ١ : ٤٠ ـ ٤١. وتعرّض له الحكيم السبزواريّ في شرح المنظومة : ١١.
(٣) في السطور المتقدّمة حيث قال : «إنّ الوجود موجود لكن بذاته».
(٤) راجع التحصيل : ٢٨١.
(٥) تعرّض له صدر المتألّهين في الأسفار : ١ : ٤٠.
حاصل الإشكال. أنّه لو كان الوجود موجودا بذاته يلزم منه أن يكون الوجود واجبا بالذات ، ولازمه انقلاب الذات ، وهو محال.
والشكل المنطقيّ لهذا الإشكال أنّه مركّب من قياسين :
١ ـ وجود الممكن موجود ، وكلّ وجود موجود بالذات ، فوجود الممكن موجود بالذات.
ثمّ نجعل هذه النتيجة صغرى لقياس آخر ونقول : ـ