الوجوديّ ، والإمكان وسائر لوازم الماهيّات الحمل بينها وبين الماهيّة من حيث هي حمل شائع لا أوّليّ.
الأمر الثالث : أنّ الإمكان موجود بوجود موضوعه في الأعيان ، وليس اعتبارا عقليّا محضا لا صورة له في الأعيان ، كما قال به بعضهم (١) ، ولا أنّه موجود في الخارج بوجود مستقلّ منحاز كما قال به آخرون (٢).
أمّا أنّه موجود في الأعيان بوجود موضوعه (٣) فلأنّه قسيم في التقسيم للواجب (٤) الّذي ضرورة وجوده في الأعيان ، فارتفاع الضرورة الّذي هو الإمكان هو في الأعيان. وإذ كان موضوعا في التقسيم المقتضي لاتّصاف المقسم بكلّ واحد من الأقسام كان في معنى وصف ثبوتيّ يتّصف به موضوعه ، فهو معنى عدميّ له حظّ من الوجود ، والماهيّة متّصفة به في الأعيان. وإذ كانت متّصفة به في الأعيان فله وجود فيها ، على حدّ الأعدام المضافة الّتي هي أوصاف عدميّة ناعتة لموصوفاتها موجودة بوجودها ، والآثار المترتّبة عليه في الحقيقة هي ارتفاع آثار الوجوب من صرافة الوجود وبساطة الذات والغنى عن الغير وغير ذلك.
وقد اتّضح بهذا البيان فساد قول من قال (٥) : «إنّ الإمكان من الاعتبارات العقليّة المحضة الّتي لا صورة لها في خارج ولا ذهن». وذلك لظهور أنّ ضرورة
__________________
(١) وهو الشيخ الإشراقيّ في حكمة الإشراق : ٧١ ـ ٧٢ حيث قال : «وأمّا الصفات العقليّة إذا اشتقّ منها وصارت محمولة كقولنا : «كلّ جسم هو ممكن» فالممكنيّة والإمكان كلاهما عقليّان فحسب ـ أي ليس شيء منهما بخارجيّ ـ».
واستوفى البحث عن ذلك في المطارحات : ٣٤٣ ، والتلويحات : ٢٥.
وذهب إليه أيضا المحقّق الطوسيّ واستدلّ عليه بوجوه ، فراجع كشف المراد : ٤٩ ـ ٥١ ، وشرح التجريد للقوشجيّ : ٣٣ ـ ٣٥ ، والمسألة العشرين من الفصل الأوّل من شوارق الإلهام.
(٢) وهم الحكماء المشّاؤون من أتباع المعلّم الأوّل ، على ما في الأسفار ١ : ١٣٩.
(٣) قبال من قال : إنّه موجود في الخارج بوجود منحاز مستقلّ.
(٤) أي : في تقسيم الموجود إلى الواجب والممكن.
(٥) والقائل هو الشيخ الإشراقيّ والمحقّق الطوسيّ كما مرّ.