سلب الامتناع عن الجانب الموافق. ويصدق في الموجبة فيما إذا كان الجانب الموافق ضروريّا ، نحو «الكاتب متحرّك الأصابع بالإمكان» أو مسلوب الضرورة ، نحو «الإنسان متحرّك الأصابع بالإمكان». ويصدق في السالبة فيما إذا كان الجانب الموافق ممتنعا ، نحو «ليس الكاتب بساكن الأصابع بالإمكان» أو مسلوب الضرورة ، نحو «ليس الإنسان بساكن الأصابع بالإمكان».
فالإمكان بهذا المعنى أعمّ موردا من الإمكان بالمعنى المتقدّم ـ أعني سلب الضرورتين ـ ومن كلّ من الوجوب والامتناع ، لا أنّه أعمّ مفهوما ، إذ لا جامع مفهوميّ بين الجهات.
ثمّ نقله الحكماء إلى خصوص سلب الضرورة من الجانبين ، وسمّوه : «إمكانا خاصّا وخاصّيّا» ، وسمّوا ما عند العامّة : «إمكانا عامّا وعامّيّا».
وربّما اطلق الإمكان واريد به سلب الضرورات الذاتيّة والوصفيّة والوقتيّة ، وهو أخصّ من الإمكان الخاصّ ، ولذا يسمّى : «الإمكان الأخصّ» ، نحو «الإنسان كاتب بالإمكان» ، فالماهيّة الإنسانيّة لا تستوجب الكتابة ، لا لذاتها ، ولا لوصف ولا في وقت مأخوذين في القضيّة.
وربّما اطلق الإمكان واريد به سلب الضرورات جميعا حتّى الضرورة بشرط المحمول ، وهو في الامور المستقبلة الّتي لم يتعيّن فيها إيجاب ولا سلب. فالضرورة مسلوبة عنها حتّى بحسب المحمول إيجابا وسلبا. وهذا الاعتبار بحسب النظر البسيط العامّيّ الّذي من شأنه الجهل بالحوادث المستقبلة ، لعدم إحاطته بالعلل والأسباب ، وإلّا فلكلّ أمر مفروض بحسب ظرفه ، إمّا الوجود والوجوب ، وإمّا العدم والامتناع.
وربّما اطلق الإمكان واريد به الإمكان الاستعداديّ ، وهو وصف وجوديّ من الكيفيّات القائمة بالمادّة ، تقبل به المادّة الفعليّات المختلفة. والفرق بينه وبين الإمكان الخاصّ أنّه صفة وجوديّة تقبل الشدّة والضعف والقرب والبعد من الفعليّة ،