عليهالسلام : صدق الله ورسوله.
ثمّ قام عليهالسلام يهرول إليها فحملها وشمّها وقال : هى هى بعينها ، أتعلم يا ابن عبّاس ما هذه الابعار هذه قد شمّها عيسى بن مريم عليهالسلام ، وذلك أنّه مرّ بها ومعه الحواريّون فرأى هاهنا الظباء مجتمعة وهى تبكى فجلس عيسى عليهالسلام ، وجلس الحواريّون معه فبكى وبكى الحواريّون وهم لا يدرون لم جلس ولم بكى ، فقالوا يا روح الله وكلمته ما يبكيك قال : أتعلمون أىّ أرض هذه قالوا : لا.
قال : هذه أرض يقتل فيها فرخ الرسول أحمد وفرخ الحرة الطاهرة البتول شبيهة أمّى ويلحد فيها طينة أطيب من المسك لأنّها طينة الفرخ المستشهد وهكذا تكون طينة الأنبياء وأولاد الأنبياء ، فهذه الظباء تكلّمنى وتقول : انّها ترعى فى هذه الارض شوقا الى تربة الفرخ المبارك ، وزعمت انّها آمنة فى هذه الارض.
ثمّ ضرب بيده الى هذه الصيران فشمّها وقال هذه بعر الظباء على هذا الطيب لمكان حشيشها ، اللهمّ فابقها أبدا حتى يشمّها أبوه ، فيكون له عزاء وسلوة ، قال فبقيت الى يومنا هذا وقد اصفرت لطول زمنها وهذه أرض كرب وبلاء ، ثمّ قال : بأعلى صوته يا ربّ عيسى بن مريم لا تبارك فى قتله والمعين عليه والخاذل له.
ثمّ بكى بكاء طويلا وبكينا معه حتّى سقط لوجهه وغشى عليه طويلا ، ثمّ أفاق فاخذ البعر فصرّه فى ردائه وأمرنى أن أصرها ، كذلك ، ثمّ قال : يا ابن عبّاس إذا رأيتها تنفجر دما عبيطا ويسيل منها دم عبيط فاعلم أن أبا عبد الله قد قتل بها ، ودفن.
قال ابن عبّاس : فو الله لقد كنت أحفظها أشدّ من حفظى لبعض ما افترض الله عزوجل على ، وأنا لا أحلّها من طرف كمّى ، فبينما أنا نائم فى البيت اذا انتبهت ، فاذا هى تسيل دما عبيطا وكان كمّى قد امتلاء عبيطا فجلست وأنا باك ، وقلت قد قتل والله الحسين ، والله ما كذبنى علىّ قط فى حديث حدثني ولا أخبرنى بشيء قطّ