فقال : خذيه واحتفظى بها فأخذتها فاذا هى شبه تراب أحمر ، فوضعته فى قارورة وشددت رأسها واحتفظت بها ، فلمّا خرج الحسين عليهالسلام من مكّة متوجّها نحو العراق كنت أخرج تلك القارورة فى كلّ يوم وليلة فأشمّها وأنظر إليها ثمّ أبكى لمصابها.
فلمّا كان يوم العاشر من المحرّم وهو اليوم الّذي قتل فيه أخرجتها فى أوّل النهار ، وهى بحالها ثمّ عدت إليها آخر النهار فاذا هى دم عبيط ، فضججت فى بيتى وكظمت غيظى فكتمت مخافة أن يسمع أعداءهم بالمدينة فيسرعوا بالشماتة ، فلم أزل حافظة للوقت واليوم حتّى جاء الناعى ينعاه فحقّق ما رأيت (١).
٥٧ ـ أبو منصور الطبرسى فى رواية طويلة عن سعد بن عبد الله عن الحسن ابن على عليهماالسلام فقلت : أخبرنى عن تأويل كهيعص.
قال هذه الحروف من أنباء الغيب ، اطلع الله عليها عبده زكريا ثمّ قصها على محمّد صلىاللهعليهوآله ، وذلك : ان زكريّا عليهالسلام سأل ربه : أن يعلّمه الأسماء الخمسة ، فأهبط عليه جبرئيل ، فعلمه إيّاها فكان زكريّا اذا ذكر محمّدا وعليّا وفاطمة والحسن ، سرى عنه همه ، وانجلى كربه واذا ذكر اسم الحسين عليهالسلام خنقته العبرة ، ووقعت عليه البهرة.
فقال ـ ذات يوم ـ إلهى ما بالى إذا ذكرت أربعا منهم تسلّيت بأسمائهم من همومى ، وإذا ذكرت الحسين تدمع عينى وتنور زفرتى ، فأنبأ الله تبارك وتعالى عن قصته فقال : «كهيعص» فالكاف اسم «كربلاء» والهاء «هلاك العترة» والياء (يزيد) وهو ظالم للحسين ، والعين «عطشه» والصاد «صبره» فلمّا سمع بذلك زكريا عليهالسلام لم يفارق مسجده ثلاثة أيّام ومنع فيهنّ الناس من الدخول عليه وأقبل على البكاء والنحيب ، وكان يرثيه :
__________________
(١) الارشاد : ٢٣٥.